ذلك (١) ، قال : إن داود النبي صلىاللهعليهوسلم أراد أن يزيد في بيت المقدس ، وقد كان بيت قريب من المسجد ليتيم ، فطلب إليه فأبى ، فأراد داود أن يأخذه منه ، فأوحى الله إليه : يا داود إنّ أنزه البيوت على الظلم لبيتي ، قال : فتركه داود ، فقال له العبّاس : فبقي شيء؟ قال : لا ، قال : فدخلا المسجد ، فإذا ميزاب للعبّاس شارعة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال عمر بيده (٢) فقلع الميزاب ، فقال : هذا الميزاب لا يسيل في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال له العبّاس : قلعته ، والذي بعث محمّدا بالحقّ هو الذي وضعه في هذا المكان ، ونزعته أنت يا عمر ، قال : فبكى عمر ثم قال : لتضعنّ رجليك على عنقي ولتردّنّه إلى ما كان ، ففعل ذلك العبّاس ثم قال له : قد أعطيتك الدار تزيدها في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فزادها عمر في المسجد ، ثم قطع للعباس دارا أوسع منها بالزوراء (٣).
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن إبراهيم بن عمر الفقيه ، أنا أبو عمر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، نا يزيد بن هارون ، أنا أبو أمية بن يعلى ، عن سالم أبي النّضر قال : لما كثر المسلمون في عهد عمر ضاق بهم المسجد ، فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور إلّا دار العباس بن عبد المطلب وحجر أمهات المؤمنين ، فقال عمر للعباس : يا أبا الفضل إنّ مسجد المسلمين قد ضاق بهم ، وقد ابتعت ما حوله من المنازل أوسّع به على المسلمين في مسجدهم إلّا دارك وحجر أمهات المؤمنين ، فأمّا حجر أمّهات المؤمنين فلا سبيل إليها ، وأمّا دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسّع بها في مسجدهم ، فقال العباس : ما كنت لأفعل. قال : فقال له عمر : اختر مني إحدى ثلاث : إمّا أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين ، وإمّا أن أخطّك حيث شئت من المدينة ، وأبنيها لك من بيت مال المسلمين ، وإمّا أن تصدّق بها على المسلمين فتوسّع بها في مسجدهم ، فقال : لا ، ولا واحدة منها ، فقال عمر : اجعل بيني وبينك من شئت ، فقال : أبيّ بن كعب ، فانطلقا إلى أبيّ فقصّا عليه القصة ، فقال أبيّ : إن شئتما حدثتكما بحديث سمعته من
__________________
(١) في م : وما ذاك.
(٢) أي أهوى بيده.
(٣) الزوراء : موضع عند سوق المدينة قرب المسجد (ياقوت).
(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٤ / ٢١.