بحسن؟ بحسين؟ فلما أصبح غدا إلى منزل العبّاس فدقّ عليه ، فقال : من؟ فقال : عمر ، قال : ما حاجتك؟ قال : اخرج حتى نستسقي الله بك ، قال : اقعد ، فأرسل إلى بني هاشم أن تطهّروا والبسوا من صالح ثيابكم ، فأتوه فأخرج إليهم طيبا فطيّبهم ، ثم خرج وعلي أمامه بين يديه ، والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وبنو هاشم خلف ظهره ، فقال [يا](١) عمر لا تخلط بنا غيرنا ، قال : ثم أتى المصلّى ، فوقف فحمد الله وأثنى عليه وقال : اللهمّ إنّك خلقتنا ولم تؤامرنا ، وعلمت ما نحن عاملون قبل أن تخلقنا فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا ، اللهمّ فكما تفضّلت علينا في أوّله فتفضّل علينا في آخره ، فما برحنا حتى سحّت السماء علينا سحا ، فما وصلنا إلى منازلنا إلّا خوضا ، فقال العبّاس : أنا المسقى ، ابن المسقى خمس مرات ، فقال سعيد : فقلت لموسى بن جعفر : وكيف ذاك ، قال : استسقى فسقي عام الرّمادة ، واستسقى عبد المطلب فسقي (٢) زمزم ، فنافسته قريش فقالوا : ائذن لنا فيها فأبى ، فقالوا : بيننا وبينك راهب إيليا ، فخرجوا معه وخرج مع عبد المطلب نفر من أصحابه ، فلما كانوا في الطريق نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فقال للقرشيين اسقونا فأبوا ، فقال عبد المطلب : على ما نموت حسرة ، فركب راحلته ، فلمّا نهضت انبعث من تحت خفها عين ، فشرب وسقى أصحابه واستسقوه (٣) القرشيون فسقاهم ، فقالوا : إنّ الذي أسقاك في هذه الفلاة هو الذي أسقاك زمزم ، فارجع فلا خصومة لنا معك.
وكان لعبد المطلب مال بالطائف يقال له ذو الحرم (٤) فغلبت عليه بنو ذباب وكلاب ، وغلب عليه ثم أتى فقال : هذا المال لي فجحده ، فقال : بيني وبينكم سطيح ، فخرجوا وخرج معه نفر من قومه ، حتى إذا كانوا في فلا من الأرض عطش وفني ماؤه ، فاستسقى بني كلاب وبني ذباب فأبوا أن يسقوه وقالوا : موتوا عطشا ، فركب راحلته ، وخرج ، فبينا هو يسير إذ انبعث عين فلوّح بسيفه إلى أصحابه ، فأتوه فلما رأوا (٥) ذباب كثرة الماء أهراقوا ماءهم فاستسقوه فقال القرشيون : والله لا نسقيكم ، فقال
__________________
(١) زيادة عن م للإيضاح.
(٢) عن م وبالأصل : «يسقي».
(٣) كذا بالأصل وم والمطبوعة : واستسقوه القرشيون.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : ذو الجذم.
(٥) كذا بالأصول.