مؤمن متمسك بكتاب الله وسنته ، ينزل الله به رحمته ، ويفرج به كل كربة كان في أمتي ، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض ، فلا يزال ذلك فيه وفي نسله حتى ينزل عيسى بن مريم ، روح الله وكلمته فيقبض ذلك منهم ، يا علي ، أما علمت أن للعبّاس ولآل العباس من الله حافظا ، أعطاني الله ذلك فيهم ، أما علمت أنّ عدوّهم مخذول ووليّهم منصور».
قال : وغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم غضبا شديدا حتى درّ عرق بين عينيه واحمرّ وجهه ودرّت عروقه ، فما كان يقلع في المقالة في العبّاس وولده عامة نهاره ، فلما رأى ذلك عليّ وثب إلى العبّاس فعانقه وقبّل رأسه ، وقال : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ، وسخط عمّي (١) ، فما زال كذلك حتى سكن غضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «يا علي ، إنه من لم يعرف حقّ أبي وعمّي وبقيتي وبقيتك العباس بن عبد المطلب ، ومكانه من الله ورسوله ، فقد جهل حقي ، يا علي ، احفظ عترته وولده فإنّ لهم من الله حافظا يلون (٢) أمر أمتي يشد الله بهم الدين ، ويعزّ بهم الإسلام بعد ما أكفئ الإسلام ، وغيّرت سنّتي ، يخرج ناصرهم من أرض يقال لها خراسان برايات سود ، فلا يلقاهم أحد إلّا هزموه ، وغلبوا على ما في أيديهم حتى تضرب راياتهم ببيت المقدس».
ثم أمرهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فانصرفا ، فلما أدبرا دعا لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعاء كثيرا ، وخرجا راضيين غير مختلفين [٥٦٧٩].
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو عروبة الحرّاني ، نا عبد الله بن شبيب ، حدّثني ابن أبي أويس ، حدّثني ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن سهيل بن أبي صالح ، أراه عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم للعباس : «فيكم النبوة والمملكة» (٣) [٥٦٨٠].
رواه ابن صاعد ، عن ابن شبيب ، فلم يشك ، وكذلك رواه أبو عمر القاضي وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل (٤) ، عن ابن أبي أويس من غير شك.
حدّثناه أبو عبد الله يحيى بن الحسن ـ لفظا ـ وأبو القاسم بن السّمرقندي
__________________
(١) في المطبوعة : «عمه».
(٢) غير واضحة بالأصل والمثبت عن م.
(٣) نقله الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٩٣ من طريق ابن أبي فديك.
(٤) إعجامها مضطرب بالأصل وم والصواب ما أثبت انظر ترجمة الحفاظ ٢ / ٦٠٨ وسير الأعلام ١٣ / ١٨٤.