طعام طعم ، وشفاء سقم ، من كل داء» وأما استعماله فى إزالة النجاسة والاستنجاء فنقل فى الكفاية ، عن الماوردي ، أنه لا يجوز استعماله ولا استعمال حجارة الحرم فى الاستنجاء والصحيح خلاف ذلك ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز استعماله فى الطهارة مطلقا ، ودليلنا عموم الأدلة وأن النبى صلىاللهعليهوسلم توضأ منه ، ولأنه يؤدى جواز التيمم مع وجود الماء ، ولأن حرمة ماء زمزم إن كانت لأجل أن يتبع من الحرم فينبغى أن لا يجوز استعمال مياه آبار الحرم ، وان كانت حرمته لكونه طعاما وشفاء لكان الذى نبع من بين أصابع النبى صلىاللهعليهوسلم أفضل من ماء زمزم ، وفيه من الشفاء ما ليس فى ماء زمزم ، ومع ذلك فقد توضأت به الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ ولا حجه فى قول العباس ـ رضى الله عنه ـ لا أحمله لأنه محمول على إحالة اجتماع الناس إلى الشرب فقوله لا أحمله لمغتسل أى فى حالة الاحتياج إلى الشرب لأن الغالب التزاحم عليه للشرب. انتهى كلام بن العماد وقال العلامة الفاسي : أول من أظهر زمزم على وجه الأرض جبريل عليهالسلام عند إسماعيل عليهالسلام سقيا له من الله تعالي ، ولما أظهر الله ماء زمزم لإسماعيل ، حوضت عليه أمه هاجر خيفة أن يفوتها قبل أن تملأ منه شنتها ولو تركته لكان عينا تجرى كما رويناه عن النبى صلىاللهعليهوسلم فى الصحيح وذكر الفاكهى «أن الخليل عليهالسلام حفر زمزم لأنه قال بعد أن ذكر خبرا فيه إخراج جبريل ماء زمزم لإسماعيل ، فحفر إبراهيم بعد ذلك البئر ، ثم غلبه عليها ذو القرنين» انتهى وهذا غريب ـ والله أعلم ـ ولم يزل ماء زمزم طاهرا ينتفع به سكان مكة إلى أن استخفت جرهم بحرمة الكعبة ، والحرم ، فدرس موضعه ومرت عليه السنون عصرا بعد عصر ، إلى أن صار لا يعرف ، وقيل أن جرهما دفنتها حين نفيت عن مكه ذكره الزبير بن بكار وغيره تم بوأه الله تعالى لعبد المطلب ابن هاشم جد النبى صلىاللهعليهوسلم لما خصه الله به من الكرامة فأتى فى المنام وأمر بحفرها ، وأعلمت له بعلامات استبان بها موضع زمزم ، فحفرها وكان حفره لها قبل مولد النبى صلىاللهعليهوسلم على مقتضى ما رويناه عن على ـ رضى الله عنه ـ فى السيرة لان إسحاق سيد رجاله ثقات وروينا عن الزهرى أن حفر عبد المطلب لزمزم كان بعد الفيل وعلى هذا فيكون حفر عبد المطلب لها