وهل جميع الأنبياء حجوا إليها أو تخلف البعض؟ وهل ثبت أن سيدنا موسى صلىاللهعليهوسلم حج على ثور أو لا؟.
المبحث الثالث فى فضل الحجر الأسود
والمقام وما ورد فى شأنهما وما جرى عليهما من الحوادث السابقة وما يؤول إليه أمرهما فى الآخر ، وهل تسميته بالأسود وردت فى حديث؟ وهل ثبت له هذا الاسم زمن الخليل أو بعد أن اسوّد ، وهل المقام فى محله الآن الذى كان فيه زمن الخليل صلىاللهعليهوسلم وقريش والنبى صلىاللهعليهوسلم أو لا؟ فإن الإمام الشافعى ذكر فى سيرته أنه كان لاصقا بالبيت عن يمين الداخل فهل هو صحيح أو لا؟ ولشرع فى المقصود متوكلا على الحق المعبود فنقول : أما الجواب عن السؤال الأول من المبحث الأول وهو هل حفظ محل البيت الشريف من دخول الطوفان إلخ؟ فهو أنه قد ذكر ابن هشام (١) فى سيرته أن الماء لم يعل البيت المعظم زمن الطوفان ولكنه قام حوله وبقى هو فى هواء السماء ، وأن نوحا قال لأهل السفينة وهى تطوف بالبيت : إنكم فى حرم الله وحول بيته فأحرموا لله ولا يمسك أحدا امرأة ، وجعل بينهم وبين النساء حاجزا فتعدى حام فدعى نوح عليه أن يسود لون بنيه ، وذكر يحيى بن سلام عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : أول من عاذ بالكعبة حوت صغير من حوت كبير فعاذ منه بالكعبة وذلك فى أيام الطوفان وذكر صاحب الكشاف (٢) فى صورة إبراهيم عند قوله تعالى : (عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) ما نصه : «أو لأنه حرم على الطوفان» أى : منع منه ، كما يسمى عتيقا لأنه أعتق منه فلم يستول عليه انتهى. فقول الكشاف : «فلم يستول عليه» محتمل لما قاله ابن هشام من أن المراد بالبيت البناء لا الخيمة ، وأنه بقى هو فى هواء السماء من غير أن يرفع البناء إلى السماء ، وأنه قام الطوفان حوله فيكون مراده أنه لم يستول على محله مع بقائه فى الهواء ، ثم المراد ببقائه فى هواء السماء أنه لم يزل مستقرا فى محله من غير أن يمسه الماء فيكون فى فضاء لجهة السماء لا فى ماء الطوفان ، لكن يبعد ما قاله ابن هشام من بقاء بناء البيت زمن الطوفان على الوجه المذكور ، وكان موضعه أكمة حمراء لا يعلو السيول
__________________
(١) السيرة ١ / ١٠٧
(٢) التفسير ـ للزمخشرى ١ / ١٢٠