التنبيه الرابع
فى الكلام على ما ذكر فى القصة من بدو عورته صلىاللهعليهوسلم حين نقل الحجارة وأنه كان عليه نمرة ضيقة فضاقت عليه فذهب يضعها على عاتقه فبدت عورته من صغرها فنودى يا محمد : عورتك فلم ير عريانا بعد ذلك وقد تعدد له ذلك قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحدث عما كان الله يحفظه فى صغره من أمر الجاهلية ومنه أنه قال لقد رأيتنى فى غلمان من قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الصبيان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فإنى لأقبل معهم وأدبر ، وإذا لكمنى لاكم لكمة شديدة ثم قال شد عليك إزارك قال فأخذته فشددته على ثم جعلت أنقل الحجارة على رقبتى وإزارى علىّ من بين أصحابى ، وهذه القصة شبيهة بما وقع عند بناء الكعبة.
روى الطبرانى والبيهقى فى الدلائل من طريق عمر بن قيس وابن جرير فى التهذيب من طريق هارون بن المغيرة وأبو نعيم فى المعرفة من طريق قيس بن الربيع ، وفى الدلائل من طريق شعيب بن خالد كلهم عن سماك بن حرب وأبو نعيم من طريق الحكم بن أبان كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : حدثنى أبى العباس بن عبد المطلب قال : لما بنت قريش الكعبة انفردت رجلين رجلين ينقلون الحجارة فكنت أنا وابن أخى فجعلنا نأخذ آزرنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا فبينما هو أمامى إذ صرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء فقلت : يا ابن أخى ما شأنك قال : نهيت أن أمشى عريانا قال : فكتمته حتى أظهره الله بنبوته وودد من حديث جابر وأبى الطفيل قال العلامة المحدث الشامى فى سيرته وما ذكره ابن اسحاق من قصة تعريته صلىاللهعليهوسلم وأنه فى صغره وأنه أمر بالستر قال السهيلى وتبعه بن كثير وأبو الفتح والحافظ إن صح حمل على أن هذا الأمر كان مرتين مرة حال صغره ومرة أول إكهاله عند بنيان الكعبة ، واستبعد ذلك مغلطة فى كتابيه الزهر دلائل النبوة بأنه صلىاللهعليهوسلم إذا نهى عن شىء مرة لا يعود إليه ثانيا بوجه من الوجوه وأيضا فى حديث العباس المذكور فى بناء البيت أنه لأول مرة نودى ، رواه بن سعد وإبراهيم وابن عساكر من طريق النضر بن عبد الرحمن عن ابن عباس قال كان أبو طالب يعالج زمزم وكان النبى صلىاللهعليهوسلم ينقل الحجارة