الجوزى فى مثير (١) الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن عن عروة بن الزبير رحمهالله تعالى أن نوحا صلىاللهعليهوسلم حج البيت قبل الغرق ، وروى الأزرقى عن وهب بن منبه رحمهالله تعالى أن هودا و، صالحا وشعيبا حجوا البيت بمن آمن معهم وأنهم ماتوا بمكة ، وأن قبورهم غربى الكعبة بين دار الندوة ودار بنى هاشم ، وهذه الأحاديث واردة بحج هود وصالح عليهما الصلاة والسلام أقوى أسانيد من أحاديث : «ما من نبى إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح» فإن إسناده ضعيف وقد حج موسى ويونس صلىاللهعليهوسلم فقد روى الأزرقى عن مجاهد قال : حج موسى على جمل أحمر فمر بالروحاء عليه عباءتان قطونتان مترز بإحداهما مرتد بالأخرى ، فطاف بالبيت ، ثم طاف بين الصفا والمروة إذ سمع صوتا من السماء وهو يقول : لبيك عبدى وأنا معك ، فخر موسى ساجدا ، وعن مجاهد أيضا قال : حج البيت سبعون نبيا فيهم موسى صلىاللهعليهوسلم عليه عباءتان قطوانيتان ، وفيهم يونس يقول لبيك كاشف الكرب رواه سعيد بن منصور ، والقطوانيتان تثنية قطوانية وهى عباءة بيضاء قصيرة وذكر الشامى فى مبحث بناء إبراهيم صلىاللهعليهوسلم البيت أنه لما فرغ من الحج انطلق إلى منزله بالشام ، وكان يحج البيت كل عام ، وحجته سارة وحجته إسحق ويعقوب والأسباط والأنبياء وهلم جرا ، قلت : والعجب من ابن حجر الهيثمى حيث أنكر فى شرحه للهمزته حج إسحق صلىاللهعليهوسلم فقال مستدلا على أن الترجيح هو إسماعيل لا إسحاق صلىاللهعليهوسلم : إن إسحق صلىاللهعليهوسلم لم ينقل قط أنه حج ولا أتى تلك الأماكن مع أنه صرح بعد ذلك فى شرح قول النظم مأوى الرسل بعموم حديث : «ما من نبى إلا وقد حج البيت» وإن استثناء صالح وهود لم يصح ، وكأنه فهم ذلك من عبارة المواهب فى الاستدلال على أن الذبيح ليس هو إسحق حيث قال : ومما يدل على أن الذبيح إسماعيل أنه لا ريب أن الذبح كان بمكة ؛ ولذلك جعلت القرابين يوم النحر بها كما جعل السعى بين الصفا والمروة ورمى الجمرات تذكيرا لشأن إسماعيل وأمه وإقامة لذكر الله تعالى ، ومعلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحق وأمه ، ثم قال : ولو كان الذبح بالشام كما يزعم أهل الكتاب ومن تلقى عنهم لكانت القرابين والنحر بالشام انتهى.
__________________
(١) ١ / ١٢٠.