قلت بلى ، ما أنا من علمائهم ولا من جهّالهم. قال لي : ألستم تزعمون أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا ينتقص مما في الجنة شيء؟ قال : نقول ذلك وهو كذلك ، قال : فإن لهذا مثلا في الدنيا فما هو؟ قال : فقلت مثل هذا مثل رجل أتاه الله علما وحكمة وعلّمه كتابه فلو اجتمع جميع من خلق الله فتعلموا منه ما نقص من علمه شيء ، قال : فتربد وجهه ، فقال : ألم تزعم أنك لست من علمائهم؟ قال : قلت : أجل ، ما أنا من علمائهم ولا من جهّالهم ، فقال لي : ألستم تقولون في صلاتكم : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟ قال : قلت بلى ، قال : فلهي عني ، ثم أقبل على أصحابه فقال : ما بسط لأحد من الأمم ما بسط لهؤلاء من الخير ، إنّ أحد هؤلاء إذا قال في صلاته : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لم يبق عبد لله صالح في السموات والأرض إلّا كتب له بها عشر حسنات ، ثم قال لي : ألستم تستغفرون للمؤمنين والمؤمنات؟ قلت : بلى ، فقال لأصحابه : إنّ أحد هؤلاء إذا استغفر للمؤمنين والمؤمنات لم يبق عبد لله مؤمن في السموات من الملائكة ولا في الأرض من المؤمنين ولا من كان على عهد آدم ، أو من هو كائن إلى يوم القيامة إلّا كتب الله له به عشر حسنات ، قال : ثم أقبل عليّ فقال : إنّ لهذا مثلا في الدنيا فما هو؟ قلت : كمثل رجل مر بملإ ، كثيرا كانوا أو قليلا ، فسلّم عليهم فردّوا عليه أو دعا لهم فدعوا له قال : فتربد وجهه ، قال : ألم تزعم أنك لست من علمائهم؟ قال : قلت أجل ما أنا من علمائهم ولا من جهّالهم ، فقال لي : ما رأيت من أمة محمد من هو أعلم منك ، فسلني عما بدا لك ، قال : فقلت : كيف أسأل من تزعم أن له ولدا قال : فشقّ مدرعته حتى أبدى عن بطنه ثم رفع يديه فقال : لا غفر الله لمن قالها ، منها فررنا واتّخذنا الصوامع ، فقال لي : إني سائلك عن شيء فهل أنت مخبري؟ قال : قلت : نعم ، قال : أخبرني هل بلغ ابن القرن فيكم أن يقوم إليه الناشئ أو الطفل فيشتمه أو يتعرض لضربه فلا يغير ذلك عليه؟ قال : قلت : نعم ، قال : ذلك حين رقّ دينكم ، واستحسنتم دنياكم ، وآثرها من آثرها منكم ، فقال رجل من القوم وابن كم القرن؟ قال : أما أنا قلت ابن ستين ، وأما هو فقال : ابن سبعين سنة ، فقال رجل من جلسائه يا أبا هاشم ما كان سرّنا أن يكون أحد لقيه من هذه الأمة غيرك.
رواه المغيرة بن المغيرة الرملي ، عن عروة وزاد فيه : رجاء بن حيوة قبل خالد.
أخبرناه أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن