تقضي به دينك ، ثم دعا له بكيس (١) فيه ثلاثة آلاف دينار فدفعه إليه وقال : قد قرّب الله عليك الخطوة ، فانصرف إلى أهلك مصاحبا محفوظا.
فقام الرجل من عنده يدعو له ويشكر ، فلم يكن له همة إلّا الرجوع إلى أهله ، فانطلق الحكم يشيعه فسار معه شيئا ثم قال له : كأني بزوجتك قد قالت لك : أين طرائف العراق بزّها (٢) وخزّها وعراضاتها (٣) ، أما كان لنا معك نصيب؟ ثم أخرج صرة حملها معه ، [فيها](٤) خمسمائة دينار ، فقال : أقسمت (٥) عليك إلّا جعلت هذه لها عوضا من هدايا العراق وودّعه وانصرف.
وقال مصعب بن عثمان : فجهدت بنوفل بن عمارة أن يخبرني بالرجل ، فأبى ، قال الزبير : وأتوهم أن أكون سمعته من مصعب بن عثمان.
قال : ونا الزبير ، قال : قال عمي مصعب بن عبد الله (٦) : وكان الحكم بن المطّلب من أبر الناس بأبيه ، وكان أبوه المطّلب بن عبد الله يحب ابنا له يقال له الحارث حبا شديدا مفرطا ، وكانت بالمدينة جارية مشهورة بالجمال والفراهة ، فاشتراها الحكم بن المطّلب من أهلها بمال كثير ، فقال له أهلها ، ـ وكانت مولدة عندهم ـ دعها عندنا حتى نصلح من أمرها ، ثم نزفها إليك بما تستأهل الجارية منا ، فإنما هي ولد ، فتركها عندهم حتى جهزوها وبيّتوها وفرشوها ثم نقلها كما تهيأ (٧) تزف العروس إلى زوجها ، وتهيّأ الحكم بأجمل ثيابه وتطيّب ، ثم انطلق فبدأ بأبيه ليراه في تلك الهيئة ويدعو له تبركا بدعاء أبيه ، حتى دخل عليه في تلك الهيئة ، وعنده الحارث بن المطّلب ، فأقبل عليه أبوه فقال : إنّ لي إليك حاجة ، فما تقول؟ قال : يا أبة إنما أنا عبدك فمرّ بما أحببت ، قال : تهب جاريتك هذه للحارث أخيك ، وتعطيه ثيابك هذه التي عليك وتطيّبه من طيبك ، وتدعه يدخل على هذه الجارية ، فإني لا أشك أن نفسه قد تاقت إليها ، قال الحارث : لم تكدر
__________________
(١) عن نسب قريش وبالأصل «بكبش».
(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن هامشه.
(٣) عراضاتها جمع عراضة بضم العين وتخفيف الراء ، وهو العرض من عروض التجارة.
(٤) زيادة للإيضاح عن نسب قريش.
(٥) بالأصل «أفسمعتم» والمثبت عن نسب قريش وم.
(٦) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣٤٠.
(٧) كذا ، واللفظة سقطت من نسب قريش وفي م : «ثم نقلوها كما تزف العروس».