تهيأت بغير هيأتها ، فقربت إليه طعاما فأكل ، ولم يعرض عليهم.
فلما فرغ قال : حاجتكم؟ قالوا : إنا قد رأينا ، فأخبرنا ، قال : وما الذي رأيتم؟ قالوا : أتينا امرأتك فوجدناها متبذلة ، قال : هكذا ينبغي للمغيبة إذا غاب زوجها ، ثم أتيناك في عملك فكلّمناك فلم تكلمنا ، قال : إني كنت أجرت نفسي فكرهت أن أشتغل بكلامكم عن عملي ، قال : ثم أخذت جرزة (١) من حطب فجعلت الحطب على جلدك وجعلت الغفارة فوق الحطب ، قال : إني كنت استعرت الغفارة فكنت أخرق جلدي أحب إليّ من أن أخرق أمانتي ، قال : ثم نزعت نعليك ، قال : إني كرهت أن أحمل تراب حرث إلى حرث ، فلما أن صرت إلى الجادّة لبستها قال : ثم أتيت منزلك فوجدنا امرأتك قد تهيأت بغير هيئتها قال : هكذا ينبغي للمرأة إذا حضر زوجها ، قال : ثم قربت إليك طعاما فأكلت ولم تعرض علينا ، قال : إنه لم يكن فيه ما يكفيني وإياكم ، فكرهت أن أعرض عليكم وليس في نفسي.
قالوا : أنت صاحبنا ، أصابنا قحوط ، فصعد فوق أجّار (٢) ثم خط حوله خطا من رماد ، ثم قال : أيّ ذلك أحب إليك؟ الوابل الشديد أو مطر بين المطرين؟ قالوا : الوابل الشديد ، قال : فدعا الله فمطروا حتى خافوا على بيوتهم ، فقالوا : مطر بين المطرين ، قال : فمطروا مطرا بين المطرين.
١٨٥٣ ـ حييّ بن هزال السّعدي
شاعر مدح معاوية وحضر وفاته.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن اللّالكائي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، قال : وحدّثني محمّد بن صالح ، أخبرني أبو اليقظان ، حدّثني أبو الحسناء ، قال : حييّ بن هزال السّعدي قد قال لمعاوية بيتين قبل أن يمرض :
إذا متّ مات الجود وانقطع الندى |
|
من الناس إلّا من قليل مصرّد |
وردت أكف السائلين وأمسكوا |
|
من الدين والدنيا بثرى مجرّد |
__________________
(١) الأصل «حرزة» والصواب ما أثبت ، والجرزة بالضم الحزمة من القتّ ونحوه (القاموس).
(٢) أجّار : سطح لا سترة عليه.