ثم عدا على ذلك الجب قوم من جرهم فسرقوا ما فيه من أموال الكعبة وحليتها مرة بعد أخرى ، فبعث الله الحية لحراسته وهى التى اختطفها العقاب كما تقدم ، والله أعلم.
وأما سبب بناء قريش للبيت : فروى أن امرأة ذهبت تجمر الكعبة فطارت شرارات من مجمرتها فاحترقت كسوته وكانت ركاما بعضها فوق بعض ، فحصل فى الأحجار تصدع ووهن ، ثم تواترت السيول بعد ذلك أيضا جاء سيل عظيم فدخل البيت فازداد تصدع الجدران ففزعت لذلك قريش فزعا شديدا ، وهابوا هدمها ، وخافوا إن مسوها ينزل عليهم العذاب(١).
فبينما هم على تلك الحال يتشاورون إذ أقبلت سفينة من الروم ، حتى إذا كانت بمحل يقال له الشّعيّبة ـ بضم الشين المعجمة ـ وهو يومئذ ساحل مكة قبل جدة انكسرت(٢).
استطراد : فى الكلام على فضل جدة التى هى الآن ساحل مكة وشىء من خبرها : روى الفاكهى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «مكة رباط وجدة جهاد» (٣).
وعن ابن جريج قال : سمعت عطاء يقول : إنما جدة خزانة مكة وإن ما يؤتى به إلى مكة لا يخرج به منها (٤).
ثم قال ـ أعنى ابن جريج : إنى لأرجو أن يكون فضل مرابطى جدة على سائر المرابطين كفضل مكة على سائر البلدان (٥).
وعن عباد بن كثير ، أنه قال : الصلاة بجدة سبعة عشر ألف ألف صلاة ، والدرهم فيها مائة ألف ، وأعمالها بقدر ذلك ، يغفر للناظر فيها مدّ بصره مما يلى البحر (٦).
وعن فرقد السّبخىّ أنه قال : إنى رجل أقرأ هذه الكتب ، وإنى لأجد فيما أنزل الله من كتبه جدّة ـ أو جديدة ـ يكون بها قتلى وشهداء ، لا شهداء يومئذ على ظهر الأرض أفضل منهم (٧).
__________________
(١) أخبار مكة الأزرقى ج ١ ص ١٦٠.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ١٦٠.
(٣) أخبار مكة للفاكهى ج ٣ ص ٥٢ وذكر محققه أن إسناده ضعيف.
(٤) أخبار مكة للفاكهى ج ١ ص ٥٣.
(٥) أخبار مكة للفاكهى ج ٣ ص ٥٣.
(٦) أخبار مكة للفاكهى ج ٣ ص ٥٣.
(٧) أخبار مكة للفاكهى ج ٣ ص ٥٥.