ويدل على أن الليلة تتبع اليوم الذى قبلها أن ليلة عرفة هى التى بعد يوم عرفة ولهذا يجزئ الوقوف فيها إلى طلوع الفجر ولا يجزئ فى الليلة التى قبلها بالإجماع ، وقد ورد أن الإسراء كان ليلة الجمعة وهذا نقل محض يطلب فيه الصحة ولم يعضد بأصول تقربه من الحق بخلاف ما قدمناه ، فقد بينا الأصول التى تقتضيه نقلا واستنباطا.
وأمكن عندى على القول الذى اخترناه أن يكون ليلة الجمعة ، وذلك بأن نفرض بين اليومين المتقابلين خمسة أيام فيكون الثانى سادس الأول. وقد اتفق هذا العام أن كانت الوقفة الأربعاء والوقفة التى قبلها الجمعة ، فجاءت هذه سادس تلك ، وإنما قلنا إنها ليلة الجمعة على هذا التقدير لأنه قد استقر أن ربيعا الأول سنة الهجرة كان أوله الخميس ونفرضه ناقصا ليكون ربيع الآخر من سنة الهجرة الجمعة ، فيكون أول ربيع الآخر من السنة التى قبلها وهى سنة الإسراء الأحد ، فيكون السابع والعشرون منه الجمعة ، وهى ليلة الإسراء وهو لائق بالإسراء لأجل فضيلة ليلة الجمعة.
(تنكيت لطيف) يرجع ما قاله الحربى وذلك أن ليلة سبع وعشرين تضاهى فى العدد أقعد الليالى بليلة القدر ، وهى ليلة سبع وعشرين من رمضان.
(تنكيت ألطف من الأول) اعتبرت هذه الليالى الثلاث الفاضلات : ليلة نصف شعبان ، وليلة سبع وعشرين من رمضان وهى ليلة القدر وليلة عرفة. فوجدتها لا تزال متواخية إن كانت واحدة منها الجمعة كان الكل الجمعة وكذلك غير الجمعة من الأيام ، وإن لم توافق ليلة عرفة الليلتين المذكورتين فلا بد أن يوافقهما يوم التروية. انتهى ما قاله ابن المنير باختصار ، فرحمهالله من إمام محقق حرى أن يكتب كلامه بماء الذهب والله أعلم.