الباب الرابع
فى الكلام على كسوة الكعبة الشريفة
زادها الله شرفا وتطيبها وتحليتها ومعاليقها
روى الأزرقى رحمهالله عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن سب أسعد الحميرى وهو تبع ، لأنه أول من كسا الكعبة فى الجاهلية كما تقدم ، فكساها المسوح ثم الأنطاع ثم الحصر ثم الوصائل وجعل لها بابا يغلق وفى ذلك يقول :
وكسونا البيت الذى حرم الل |
|
ه ملاء مقصبا وبرودا |
وأقمنا به من الشهر عشرا |
|
وجعلنا لبابه إقليدا |
وخرجنا منه نؤم سهيلا |
|
قد رفعنا لواءنا معقودا (١) |
ويروى أنه لما كساها المسوح والأنطاع انتفضت ، فأزال ذلك عنها وكساها الخصف فانتفضت أيضا ، فلما كساها الملاء والوصائل قبلتها.
أقول : مقتضى ما رواه الأزرقى من النهى عن سب تبع كونه كسا البيت. وقد علمت فيما سبق من خبره أنه آمن بالنبى صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث وأنه كتب بذلك كتابا وأودعه للعالم الذى أبرأه من علته وأوصاه أن يوصله إلى النبى صلىاللهعليهوسلم إن أدركه هو أو واحد من ولده وكان الأمر كذلك. وإن الكتاب وصل إلى النبى صلىاللهعليهوسلم وقرئ عليه فقال : مرحبا بالأخ الصالح فينبغى أن لا يسب تبع مطلقا لأنه من جملة المؤمنين والمؤمن لا يباح سبه.
وأيضا قد تقدم أن تبعا لما كسا البيت وخرج من مكة قصد المدينة المشرفة. وقوله هنا فى ثالث الأبيات المنسوبة إليه : وخرجنا منه نؤم سهيلا ، يدل على خلاف ذلك والله أعلم بالحقائق. انتهى.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٤٩.