للمتقدم عليه فضل
السبق والتأسيس فكم ترك الأول للآخر ، غير أن الجميع رحمهمالله قد أطالوا الكلام وبالغوا فى الإسهاب ، ونشروا العبارة
وبسطوها فى جميع الكتاب ، بحيث من أراد الإحاطة بذلك يحتاج إلى استيعاب جميع
المؤلف مع كبر الحجم ليقف على ما هنالك. وربما قدم بعضهم ما يحسن تأخيره ، وأخر ما
يحسن تقديمه وتقريره.
وممن جنح أيضا إلى
هذا الغرض وذكره ضمنا أرباب كتب المناسك فى أوائل مناسكهم ، فمنهم من أوسع العبارة
وأطال بما يمكن أن يدرك بأدنى إشارة ، ومنهم من مال إلى الإيجاز والاختصار ، ومع
ذلك فلم تسلم عبارته من التكرار ، وبعضهم ضيق العبارة جدا ، بحيث إنه ذكر ذلك فى
نحو ست ورقات عدا ، فأخل حينئذ بما تعين أن يذكر ، وأضرب صفحا عن أمور وجب أن تثبت
وتشهر.
فلما وجدتها على
ما وصفت ولم أقف على مؤلف متوسط فى ذلك يدل على المقصود ، ولا ظفرت بتعلق مفرد
يكون جامعا لما هو فى أسفار علماء هذا الفن موجود.
أحببت أن أجعل بعد
الاستخارة تعليقا لطيفا غير مختصر مخل ، ولا مطول ممل.
يكون عدة للقصاد ،
سالكا إن شاء الله تعالى سبيل التوسط والاقتصاد لقصور الهمم فى هذا الزمان عن
مطالعة المطولات ، ومراجعة المبسوطات.
أجمع فيه ما تفرق
من منثور الكلام ، وأضم كل لفظ إلى مناسبه ليحصل كمال الالتئام ، ولما أن التأليف
فى هذا الوقت ليس هو إلا كما قال بعضهم : جمع ما تشتت ، ورم ما تفتت مع زيادة فروع
فقهية ، وأحاديث نبوية. وآثار ضوية. وفوائد كثيرة. ولطائف غزيرة. مع تحرير عبارة
وتقرير وإشارة.
مثبتا ذلك على قدر
الفتوح. حسبما هو موجود فى الأسفار مشروح ، عازيا كل قول غالبا إلى قائله ، ومبينه
لطالعه وسائله ، ليكون للواقف عليه عمدة ، وأخرج بذلك من الدرك والعهدة.
وما فتح الله به
فى كلامى على سبيل البحث ميزته بقولى فى أوله بما صورته أقول أو بحث ، وفى آخره
انتهى ، أو والله الموفق بالقلم الأحمر ، وشرطت أن لا يخل الناسخ
__________________