ومقاله ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المخصوص بعموم الرسالة ، والمبعوث بأوضح حجّة ودلالة ، والصّادق الأمين الذي أخلص لله أقواله وأفعاله ؛ صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الصّدر والأصالة ، والمفاخر الباهرة والجلالة ، وسلّم تسليما كثيرا. ورضي الله عن أوّل الخلفاء بعد نبيّنا محمد المصطفى الذي صحبه بوفاء شيخ الوقار ، ومعدن الجود والافتخار ، وأنيس سيّد المرسلين في الغار ، ذي الكرم العريق ، والرأي الوثيق ، والإخلاص والتّصديق. السابق للنبوّة والرسالة بالتّصديق ، المكنّى بعتيق ؛ هو الإمام أبو بكر الصدّيق. وعن عمّي نبيّه حمزة والعبّاس ، المطهّرين من الدّنس والأرجاس.
وبعد ، فالخلافة أشرف ملابس أهل الديانة ، وأزهى حلل الصّيانة ، وهي أصل كلّ سيادة يتوصّل إليها ، ورئاسة جلّ الاعتماد عليها ؛ إذ هي أجلّ المناصب وأنماها ، وأشرفها وأرفعها وأسناها ، وأنفسها وأعلاها وأغلاها ، ومن لوازمها ألّا يؤتى تقليدها إلّا من اتّصف بصفاتها المرضيّة ، وتحلّى بحلاها المرعيّة ، ورقى بجميل سيرته إلى مراتبها العليّة. ولمّا كان من يأتي اسمه في هذا المكتوب ممّن هو حقيق بها لا محالة ، وجدير بأن يبلغه حسن الظنّ منها آماله ؛ إذ كان متّصفا بصفاتها الحميدة ، متقيّدا بآرائها السديدة ؛ وقد لاحت عليه آثار الخلافة وظهرت ، وذاعت محامده واشتهرت ، وقامت الأدلّة بأهليّته لتقليدها ، وأنّه كفء لتناول طريفها وتليدها ؛ استخار الله سيّدنا ومولانا الإمام المعتضد بالله ، المستمسك بتقواه ، المراقب له في سرّه ونجواه ، أمير المؤمنين ، خليفة ربّ العالمين ، ابن عمّ سيّد المرسلين أبو الفتح أبو بكر بن سيّدنا ومولانا المستكفي بالله أبي الرّبيع سليمان أمير المؤمنين ، أعزّ الله به الدين ، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين ، وأشهد على نفسه الكريمة ، أسبغ الله عليه نعمه العميمة ، إنّه عهد إلى ولده لصلبه الإمام المتوكّل على الله أبي عبد الله محمد ، نصر الله به الإسلام وأيّده ، ونفع به نفعا مستمرّا مؤبّده ، وجعله وليّ عهده ، ورضيه خلفة على الرعيّة من بعده ؛ لما علم من ديانته وعدالته وكفالته وكفايته ومروءته وحسن قصده ، عهدا صحيحا شرعيّا ، تامّا معتبرا مرضيّا ، وفوّض إليه أمر الخلافة تفويضا صريحا ، وعقد له ولاية العهد على الرعيّة عقدا صحيحا وقبل ذلك قبولا شرعيّا ، جعله الله لشريعة نبيّه محمد ناصرا مؤيّدا ، وجمع به كلمة الإسلام.
وصدّر الإشهاد بذلك في اليوم المبارك يوم الثلاثاء الثالث عشر من ربيع الأوّل سنة ثلاث وستّين وسبعمائة.