المسجد الشريف
النبويّ فأحرقته بأسره وما فيه من خزائن وكتب ، وأحرقت الحجرة الشريفة والمنبر
والسّقوف ، ولم يبق سوى الجدران ، واحترقت فيه جماعة من أهل الفضل والخير ؛ وكان
أمرا مهولا.
وفي هذه السّنة
وقع بالغربيّة برد كبار بحيث قتل كثيرا من الطير ؛ وقيل إنّ وزن البردة سبعون
درهما.
وفي سنة سبع
وثمانين ورد الخبر بأن صاعقة نزلت بحلب ، وبأنّ الفناء وقع ببغداد وبلاد الشرق
عظيما جدّا حتّى قيل إنّه عدّ ببغداد من تأخّر من الرجال ؛ فكانوا مائتين واثنين
وأربعين نفسا.
وفي ذي الحجة وردت
الأخبار بأنّه حصل بمكّة في يوم الأربعاء رابع عشر ذي القعدة سيل عظيم بحيث دخل
البيت الشريف ، فكان فيه قامة ، وأخرب بيوتا كثيرة ، وهدم جملة من أساطين الحرم ،
ووجد في المسجد من الغرقاء سبعين إنسانا وخارج المسجد خمسمائة نفس ، واستمرّ الماء
في المسجد إلى يوم السبت ، ولم تصلّ الجمعة. وكتب القاضي برهان الدين بن ظهيرة إلى
مصر كتابا بذلك يقول فيه : إنّ هذا السّيل لم يعهد مثله لا في جاهلية ولا في إسلام
، وإنّه ذرع موضع وصوله في المسجد ؛ فكان سبع أذرع وثلث ذراع ؛ وقد قلت في ذلك هذه
الأبيات :
في عام ستّ أتى
المدينة في ال
|
|
مسجد نارا أفنته
بالحرق
|
وعام سبع أتى
لمكّة في ال
|
|
مسجد سيل قد عمّ
بالغرق
|
وقبلها القحط
بالحجاز فشا
|
|
ومصر قد زلزلت
من الفرق
|
وانهبط النيل
غير منتفع
|
|
به وضاقت معايش
الفرق
|
فهذه جملة أتت
نذرا
|
|
مستوجبات للخوف
والقلق
|
فليحذر الناس أن
يحلّ بهم
|
|
ما حلّ
بالأوّلين من حنق
|
ولما أخذ التتار
بغداد ، وقتل الخليفة ، وجرى ما جارى ، أقامت الدّنيا بلا خليفة ثلاث سنين ونصف
سنة ؛ وذلك من يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة ستّ وخمسين ، وهو يوم قتل الخليفة
المستعصم رحمهالله إلى أثناء سنة تسع وخمسمائة ؛
__________________