إفريقية إلى سلطنته الطويلة العريضة البرية والبحرية. فآب موسى عام ٩٤ وهو يجر الدنيا وراءه بذخاير ملوك إسبانيا على مائة وأربع عشرة عجلة تتداول عليها الأزواج في كل يوم بعد أن قال لحنش ما معناه : لو تركتموني لوقفت بكم على أبواب رومة ، وهي أعظم مدينة بأروبا في عصرها.
ثم جيش أسد ابن الفرات في البحر عام ٢١٢ إلى جزيرة صقلية ، ثم القايد جوهر الكاتب الصقلي رمى به المعز لدين الله العبيدي المغرب الأقصى فدوخه ثم شرق إفريقيا الأقصى ، وهو مصر ، فافتتحه عام ٣٥٨. وأسس مع دعائم الملك جدران الجامع الأزهر عام ٣٥٩ ، ونقل إليها المعز لدين الله كرسي خلافته عام ٣٦٢ من صبرة منصورية أبيه الملاصقة لمدينة القيروان ، والآن مكسوة الأطلال بتين الهندي. ومن الأفراد الذين نجحوا في التغلب على الممالك وتأسيس الدول بها عبد الرحمان الداخل الذي أقام خلافة بالأندلس بعد أن فرّ بدمه في ظهور الدولة العباسية وخلص إلى المغرب عام ١٣٨ وسماه أبو جعفر المنصور صقر قريش. كما قال فيه لمناسبة أخرى : الحمد لله الذي جعل البحر بيننا وبين هذا الشيطان. وإدريس الذي نجا في واقعة فخ بجهات مكة من العباسيين إلى إفريقية وظهر أمره المغرب الأقصى عام ١٧١ ، وأقام دولة له ولبنيه قاعدتها مدينة فاس. وعبيد الله المهدي عقد النية من مكة مع ابنه أبي القاسم على مداخلة البربر والدخول لبلادهم ، وبعد أن سجن في سجلماسة آل أمره إلى تأسيس خلافة عبيدية بالقيروان فوق الستين عاما ، إلى أن انتقل رابع بنيه إلى مدينة القاهرة المعزية بمصر ، وأناب يوسف بلكيز بن زيري بن مناد على إفريقية ، وأوصاه على أن لا يرفع السيف على البربر ولا الجباية على أهل البادية وأن لا يولي أحدا من أقاربه. ولكن ذريته من بعده خالفوا الوصية فالتوى عليهم الأمر وانقسم ملكهم ونكروا الجميل أخيرا لأولياء نعمتهم ، فعاد على المملكة من جراء ذلك ما سيتلى في استيلاء العرب من هلال على إفريقية بأواسط القرن الخامس. والمهدي ابن تومرت الذي آب من آسيا مملوء الوطاب من تعاليم الإمام الغزالي واخترق إفريقيا بحرا متفجرا من علم ، وشهابا واريا من دين ، وأسس الدولة الموحدية بالمغرب الأقصى التي ضمت جناحيها على عدوتي الأندلس وإفريقيا في أوايل القرن السادس.