بموجب ظواهر الإنسان التي تنخدع لها النفوس حتى تهيم بحبها والثناء عليها ولكن متى ظهرت خفايا البواطن زالت المحبة. وأخيرا سألتني عن سكان إفريقيا والكسل المشهور عنهم والمنتشر بينهم فأدمت فؤادي بهذا السؤال ، والحقيقة تجرح. وأجبتها بأن إفريقيا حارة الطقس وذلك من دواعي الميل إلى الراحة بعكس حرارة العلم فإنها تدعو إلى العمل ونفض غبار الكسل. لذلك يرى العالم لا يجد فراغا في أوقاته سائر بياض النهار حتى أنه يبيض جل ليله بنور المصابيح في المطالعة. ومن لوازم الراحة من حرارة القطر أو برودة العقل أحمال الفقر التي تمنع الرجال من القيام ـ والآن في المملكة التونسية أخذت الأمة في علوم الحياة واستضاءت الدنيا أمام أبصارهم بكهرباء الاحتكاك بالأمة الفرنساوية ، وأما أنتم في فرانسا فبرودة القطر وحرارة العلم نشطتكم على الأعمال وأكسبتكم ذريع الأموال. قضينا بهذا الحديث ساعات بعد الزوال والقطار يطوي البراري وينهب الأرض وراء الشمس النازلة إلى الأفق فكأنه يبغي اللحاق بها وأن لا يفارق ضوء قرصها. إلا أن سير الأرض إلى المشرق معاكسا لسيره على خط مستقيم ، وهي أسرع منه ، حال دون مبتغاه. فهل يأتي زمان تكون فيه سرعة القطار على مثال سرعة الأرض حتى إذا عاكسها في سيرها وسبح فوق البراري والبحار لا تغيب عنه الشمس ويندمج ليله مع النهار؟؟
ما تمتاز به القطارات عندهم على قطارات المملكة التونسية. السرعة وقد بيناها :
١. مكتب التلغراف في سائر المحطات.
٢. ضرب ناقوس مرتين تنبيها للركاب وبعد ثالثتهما يقلع القطار.
٣. وضع ساعة في المحطات الكبرى غير متحركة وعقاربها على أرشام الساعة والدقيقة التي يسافر فيها القطار إعلاما للمسافرين بذلك الوقت حتى لا يحتاجوا إلى الاستفسار.
٤. مكلف في إدارة المحطات الكبرى وظيفته إعطاء الإرشادات للركاب.
٥. المطابخ وبيع المأكولات بالمحطات.
وأما المميزات البسيطة فمثل الصفير بالمزجية عند السفر أو في أثناء السير للتنبيه بأصوات مقتطعة مثل صوت الناهي على أمر بحرف الهمزة والهاء والأعوان يترنمون