الرحمن ، واما طالب الدنيا فيتمادى في الطغيان» (١) وبئس العبد عبد له طمع يقوده إلى طبع) (٢) (أي طبع قلبه بالرين) ، وصدق الإمام علي (ع) إذ قال : «أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع» (٣) وإنّما أعشى قلب الوليد تقادم الخير عليه وطمعه في زيادته ، وإنّه لمكر الله بالمترفين ، الذي يزيدهم ضلالا عن الحق ، وخسارة في الدنيا والآخرة ، فلا يشكر ربه ولا هو يصل إلى غايته (الزيادة) لأنّ توسيع الله على أحد ليس مطلقا أبدا بل له حدّ وقيد ، وليس خارجا عن سننه وقوانينه في الحياة ، فكيف يزيد من لا يؤدّي شكر النعمة وهو القائل : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ» (٤)؟! قال صاحب التبيان : أي لم يشكرني على هذه النعم ، وهو مع ذلك يطمع أن أزيد في إنعامه والتمهيد والتوطئة والتذليل والتسهيل.
(كَلَّا)
أي لن يكون ذلك أبدا ، فهذه كلمة تفيد النفي القاطع والعنيف ، والسبب هو عناده للآيات الربّانية.
(إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً)
ومعاندتها يمنع الزيادة لسببين :
الأول : السبب الغيبي ، فإنّه تعالى يدافع عن رسالاته وآياته ، وينتقم للحق من جاحديه ، بالإهلاك والاستئصال تارة ، وبالقحط وسلب البركة تارة أخرى.
الثاني : السبب الظاهر وذلك أنّ آيات الله هي النهج القويم الذي يهدي
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار ج ١ ص ١٨٢.
(٢) المصدر ج ٧٧ ص ١٣٥.
(٣) المصدر ج ٧٣ ص ١٧٠.
(٤) إبراهيم ٧.