(خِتامُهُ مِسْكٌ)
فيزيده عطرا وجمالا ، ولنا أن نتصور آماد هذه النعم فنسعى إليها بكلّ همّة ونشاط.
(وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ)
في ضمير الإنسان نزعة راسخة تدعوه الى التسابق والتقدم على الآخرين ، وكثير منا يستثير هذه النزعة الفطرية في التسابق على الدنيا ونعيمها الزائل ، بينما العقل يهدينا الى أن التنافس ينبغي أن يكون على المكرمات والجنة ، والآية هذه واحدة من عدّة آيات قرآنية تستثير هذه النزعة المباركة في الطريق القويم ، وهو التسارع الى الخيرات ، والتنافس في المكرمات ، قال ربنا سبحانه : «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ» (١) وقال سبحانه : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً» (٢) وقال تعالى : «إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً» (٣).
وإذا كان الإنسان يتنافس على شيء فإن أفضل ما يتنافس عليه ذلك الرحيق المختوم ، الذي يأتي مكملا لسلسلة من النعم المتواصلة ، ولعل هذا هو السر في ذكر هذه الجملة عند بيان هذه النعمة ، لأنها مكملة لسائر النعم ، أو لبيان عظمة هذه النعمة وما فيها من لذّة عظيمة لا تقاس بسائر اللذات حتى لذات الاخرة ونعيمها ، أو لأن من آداب الشرب عند أهله في الدنيا تنازع الكؤوس بينهم وتنافسهم فيها.
وأنّى كان فإن التّنافس في الرحيق المختوم في ذلك اليوم يتم اليوم في الدنيا
__________________
(١) الحديد / ٢١.
(٢) البقرة / ١٤٨.
(٣) الأنبياء / ٩٠.