الليل كما يقومه النبي (ص) تأسيّا به ، إذ جعله الله أسوة المؤمنين ، وكأنّ الآية تبيّن معنى المعيّة بأنّها ليست مجرد الزعم ، ولا الانتماء الديني والاجتماعي الظاهر لقيادة الرسول وخطّه ، بل الصحبة الحقيقيّة تتمثّل في الإتباع العملي لقيادته ورسالته.
(وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ)
ونحن الأجيال الحاضرة ـ إذا فاتتنا صحبة النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالأبدان ومعيّته فإننّا نستطيع أن نكون معه باقتفاء أثره ، ومن أثره جهاده وقيامه بالليل قال الحسكاني : «الذين معك» علي وأبو ذر (١).
(وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ)
قال صاحب المجمع : أي يقدّر أوقاتهما لتعملوا فيها على ما يأمركم به ، وقيل : لا يفوته علم ما تفعلون ، والمراد : أنّه يعلم مقادير الليل والنهار ، فيعلم القدر الذي تقومونه من الليل (٢) ، ولعل في التقدير إشارة إلى اختلاف الليالي والأيام في الجانب الزمني ، حيث تطول وتقصر ، وربّنا هو الذي يعيّن المقادير المختلفة.
(عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ)
وفي معنى الإحصاء قولان : أحدهما : الظاهر أي لن تعدّوه ، والآخر : لن تطيقوا قيامه ، وهو الأقرب بدلالة السياق ، حيث يجري الحديث مباشرة عن التوبة والتخفيف ، وحيث يشير القرآن إلى جانب من الأعذار المشروعة التي تعيق عن قيام الليل بصورته الأولية .. قال مقاتل : كان الرجل يصلي الليل كلّه مخافة أن
__________________
(١) تفسير البصائر / ج ٥٠ ص ١٣٢ عن المجمع.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٨١.