(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَأَمْواتاً)
والكفات السكن والوعاء ، ففي الخبر نظر أمير المؤمنين (ع) في رجوعه من صفّين إلى المقابر فقال : «هذه كفات الأموات» أي مساكنهم ، ثم نظر إلى بيوت الكوفة
والذي أختاره أنّ الكلمتين : «فقدرنا» و «القادرون» مشربتين اثنين من المعاني في آن واحد : أحدهما التقدير بالحكمة والعلم ، والآخر القدرة بالقوة والمشيئة ، ولعمري إنّ المتفكّر في خلقة البشر يجد اسمي الحكيم والقادر متجلّيين فيها بما لا يقبل ذرّة من الشك ، لو لا أنّ الإنسان يجعل بينه وبين الحقيقة حجاب التكذيب بالحق للهروب من المسؤولية ، فله الويل من الله إذا فعل ذلك.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
وفي الآية ملاحظة لطيفة عند قوله «يومئذ» فتلك ينبغي أن تكون إشارة إلى يوم الفصل الذي أشار إليه السياق في السورة ، وهو كذلك ، بالإضافة إلى إيحاء الكلمة بمعنى آخر ، هو أنّ تلك الآيات الإلهية المتجلّية في الخلقة تهدينا إلى أنّ الويل للمكذّبين ، فأيّ جريمة كبري هي التكذيب بحقيقة عظمي كحقيقة الغيب وقدرته وحكمته! والإشارة إلى ذلك ب «يومئذ» هو ترتيب على تلك النتيجة الحاصلة ، إذ لا يعقل أنّ الخالق الحكيم لا يقدّر آخرة بعد الدنيا وذلك من مسلّمات الحكمة الأوّليّة.
[٢٥ ـ ٣٧] من التفكّر في آفاق النفس الذي يقود الإنسان إلى التسليم لله والإيمان بيوم الفصل تنطلق الآيات موجّهة أبصارنا إلى آفاق الطبيعة من حولنا ، فهي الأخرى تعكس أسماء الله وآياته الهادية الى الحقائق.