والتحمّل كي يجني ثمار التوكّل على ربه والتسليم لأمره ورسالته ، فقد نطبّق رسالة الله ولكن ليس بالضرورة أن نحصل على النتائج مباشرة ؛ إذن يجب أن ندع الاستعجال ونفوّض أمرنا إلى الله سبحانه دون أن نتأفّف على ما يقدّره الرب أو نضجر من طول الانتظار. ثم إنّ تطبيق القرآن يستلزم روح الصبر ، لأنّه يضع الإنسان أمام قرارات صعبة وتحديات كثيرة في ذاته وفي المحيط ، وتجرّع مرارة الصبر على كلّ ذلك ضرورة أساسية لبلوغ أهداف الرسالة وتطلّعاتها.
ثانيا : الاستقامة أمام الضغوط ، لأنّ الإنسان حينما يقرّر العمل بالقرآن وتغيير نفسه وواقعه على هدى آياته فسوف تتوالى عليه الضغوط المختلفة من قبل الآخرين الذين لا يريدون الإصلاح ولا التغيير اجتماعيّا وسياسيّا ، وبالذات أولئك الذين تقوم مصالحهم على أساس الواقع المتخلّف والفاسد كالمترفين وأصحاب السلطة ، أو الذين تتعارض أفكارهم وثقافتهم المبدئية مع خط الرسالة وقيمها.
أمّا وسائلهم في الضغط فهي تختلف فقد تكون مباشرة ، كما يفعل الحكّام والطغاة ضد المؤمنين تارة بالترغيب وتارة بالترهيب ، وقد تكون عبر الاعلام والمواقف الاجتماعية والاقتصادية و.. و.. ، ولا بد لكلّ مؤمن يختار طريق الحق أن تكون هذه الصورة الواقعية حاضرة في وعيه ، حتى لا يتفاجأ من جهة ، ولكي يستعدّ نفسيّا وعمليّا لمواجهتها.
(وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)
قال الزمخشري : معناه : ولا تطع منهم راكبا لما هو إثم داعيا لك إليه ، أو فاعلا لما هو كفر داعيا لك إليه ، لأنّهم إمّا أن يدعوه لمساعدتهم على فعل ما هو إثم أو كفر ، أو غير إثم ولا كفر ، فنهي أن يساعدهم على الإثنين دون الثالث (١).
__________________
(١) الكشّاف / ج ٤ ص ٦٧٤.