(إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً)
أي شديدا وعسيرا ، قال الأخفش القمطرير : أشد ما يكون من الأيّام وأطوله في البلاء (١) ، وقال الكسائي : يوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا (٢).
ويجدر بنا أن ننقل هنا شأن نزول السورة حسب الرواة والمفسرين من كلّ الفرق الإسلامية ، لكي نعرف أنّ هذه الصفات المذكورة في القرآن قد جسّدها فعلا بشر أمثالنا ، قد خلقوا من لحم ودم وكانت فيهم الحاجات والغرائز فتغلّبوا عليها بحول الله وقوته وبفضل وعي الآخرة. إنّهم ذريّة رسول الله فاطمة وبعلها وبنوها وخادمتهم فضّة عليهم السلام.
قال العلامة الطبرسي : نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ وجارية لهم تسمّى فضّة ، وهو المروي عن ابن عبّاس ومجاهد وأبي صالح ، والقصة طويلة جملتها أنّهم قالوا : مرض الحسن والحسين فعادهما جدّهما ووجوه العرب ، وقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا؟ فنذر صوم ثلاثة أيّام إن شفاهما الله سبحانه ، ونذرت فاطمة (عليها السلام) وكذلك فضة ، فبرءا وليس عندهم شيء ، فاستقرض علي ـ عليه السلام ـ ثلاثة أصوع من شعير من يهودي ، وروي : أنّه أخذها ليغزل له صوفا ، وجاء به إلى فاطمة فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلّى علي (ع) المغرب وقرّبته إليهم فأتاهم مسكين يدعوهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء ، فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعا وطحنته واختبزته وقدّمته إلى علي (ع) فإذا يتيم بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء ، فلما كان اليوم الثالث عمدت الباقي فطحنته واختبزته وقدّمته إلى علي (ع) فإذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء ، فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن / ج ١٩ ص ١٣٥.
(٢) المصدر.