مجبورون؟ : «الله أعدل من أن يجبر خلقه ثم يعذّبهم» قال : فمطلقون؟ قال : «الله أحكم من أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه» (١) ، وهذا البيان العميق للأئمة ـ عليهم السلام ـ في شأن إرادة الإنسان وقراره هو الحق الذي تهدينا إليه الأدلّة والحجج البالغة ، وأهداها وجدان الإنسان نفسه وتجاربه الشخصية ، فإنّ الجبريّة وإن جادلوا عن رأيهم إلّا أنّ كلّ واحد واحد منهم يعلم علم يقين أنّه الذي يقرّر ما يريد لا يكرهه أحد على ذلك ، وإنّ المفوّضة ليعلمون بأنّ الأمور ليست كلّها بأيديهم.
(وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ)
أي أنّه ـ عزّ وجلّ ـ أهل أن يتقيه خلقه ويخافوه ، وأهل أن ترجى رحمته ومغفرته ، وهذه اللمسة القرآنية الأخيرة تضع الإنسان على الصراط السويّ بين الخوف والرجاء ، كما وضعته الآيات بين الجبر والتفويض ، على أنّ مغفرة الله تسبق غضبه.
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار ج ٥ ص ٥٩.