الإنسان أن يلقلق بها لسانه ، ويحفظها في ذاكرته ، بل هيه حقيقة كبيرة يجب أن يتفاعل معها عمليّا ، فتعكس آثارها في سلوكه وشخصيته ، وأظهر آيات ذلك الخوف من الآخرة ، بالخوف من عذاب الله وغضبه ، فإنّها أحقّ بأن يخافها البشر.
وعدم الخوف من الآخرة قد يكون نتيجة للكفر المحض بها ، وقد يكون نتيجة للأفكار التبريريّة التي ينسجها الإنسان بخياله ، كالشرك بالله ، وأفكار الفداء الخاطئة.
[٥٤] ثم يقول الله :
(كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ)
أي أنّ الإعراض والنفور عن القرآن لا يصيّره باطلا ، فهو بآياته وحقائقه يذكّر البشر بأعظم الحقائق ، بل بها كلّها ، إذ فيه تبيان لكلّ شيء.
والرسول هو الآخر مصداق للتذكرة ، حيث يقوم بذات الأهداف التي جاء من أجلها القرآن ، وأعظمها تذكير الإنسان بربّه عزّ وجلّ ، عبر الأدلّة والآيات التي تثير فيه العقل وتوقظ الضمير ولكن من دون جبر ، فالرسول ما عليه إلّا البلاغ المبين ، والقرآن ليس دوره إلّا بيان الحق والباطل معا ، ووضع الإنسان بكلّ وجوده المادي والمعنوي أمام الإختيار.
(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ)
بإرادته ووعيه ، فإنّ أيّ اختيار آخر مرفوص عند الله ، ولا ينفع صاحبه بشيء لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولعمري إنّها لمن أظهر الآيات على أنّ الرسالة حق ، أن تعترف للإنسان بحرّيّته واختياره ومسئوليته ، وأن لا يمارس معه أيّ لون من ألوان الإكراه إذ «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ» انطلاقا من حاجته هو إلى الحق ، وليس العكس. وهذه في نفس الوقت خصيصة تميّز الرسالة الإلهية عن الدعوات البشرية