العراق وخراسان ـ فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية : «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا» فقالت العلماء : أراد الله بذلك الأمة كلّها ، فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (ع) :
لا أقول كما قالوا ، ولكني أقول : أراد الله عزّ وجل بذلك العترة الطاهرة ، فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الأمة؟ فقال الرضا (ع) : إنّه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة ، لقول الله عزّ وجل : «فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ» ثم جمعهم كلّهم في الجنة فقال : «جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ» الآية ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم (٥)
(فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ)
تساوت حسناته وسيئاته ، وفي حديث مأثور عن أبي الدرداء عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في هذه الآية في مصير الظالم لنفسه قال :
أمّا السابق فيدخل الجنة بغير حساب ، وأمّا المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، وأمّا الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة ، فهم الذين «قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ» (٦)
(وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)
وهو الذي يصوم نهاره ، ويقوم ليله ـ كما جاء في الحديث السابق ـ.
(وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ)
__________________
(٥) المصدر / ص (٣٦٥).
(٦) المصدر / ص (٣٦٥).