مِنْ
سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ)
لقد كانت تلك
حضارتهم ، حيث استقروا في الأرض من دون خوف من الطبيعة أن تقسو عليهم ، وذلك بسبب
توفر وسائل الحياة في تلك الأرض ، حتى كانت لديهم القدرة على نحت الجبل ليتخذوا
منه بيوتا ، أو حتى رفع الأبنية فوق السهل قصورا ، ولكن كانت ثمود تتجه نحو الفساد
شأنها شأن الحضارات التي تغتر بمدى قدرتها فتتآكل وتتداعى وتنهار ، لذلك وقف رسول
الله إليهم صالح (عليه السلام) محذرا وقال :
(وَلا تَعْثَوْا فِي
الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
والفساد ضد
الإصلاح ، وليس بين الفساد والإصلاح عمل آخر وصبغة اخرى ، ذلك لان علاقتك بالأشياء
قد تكون علاقة التربية والسعي للتغيير نحو الأفضل ، وأن تضيف إليها من نفسك شيئا
جديدا كأن تبني الأرض ، وتنشأ الحقل ، وتربّي الطفل ، وتصنع من الحديد آلة مفيدة ،
وهذا كلّه إصلاح ، أو تكون علاقتك هي الانتفاع بالأشياء فقط ، فتملك البيت دون أن
تبنيه أو ترممه ، وتأكل من الحقل دون أن تنشأ بديله أو تسقيه ، وتترك ابنك لتربية
الشوارع والأزقة ، وتستهلك الآلات والمكائن دون أن تصنع بديلها أو تقوم بصيانتها ،
وتلك كلها علاقة الفساد ، والمجتمعات قد تكون متجهة بصفة عامة نحو الإصلاح والبناء
والتصنيع وتغيير الأشياء الى الأفضل ، فتكون آنئذ متجهة نحو الحضارة والمدنية ، أو
متجهة نحو الاستهلاك والانتفاع والتغيير نحو الأسوأ ، فتهدم حضارتها وتهوي نحو
التخلف ، ورسالات الله تأمرنا بالإصلاح الذي يبني الحضارة وتسوق الأمة نحو التقدم.
صفات المستكبرين (الملأ) :
[٧٥] إن حالة
الإسراف والتبذير ، وصبغة الفساد والاستهلاك من دون