رأى برقا فأوضع فوق بكر |
|
فلا بك ما أسال ولا أغاما (١) |
وكذلك لو قيل لك : أضمر ضاربا وحده من قولك : هذا ضارب زيدا لم يجز ؛ لأنه كان يلزمك عليه أن تقول : هذا هو زيدا ، فتعمل المضمر ، وهذا مستحيل.
فإن قلت ، فقد تقول : قيامك أمس حسن ، وهو اليوم قبيح ، فتعمل فى اليوم (هو) ، قيل : فى هذا أجوبة : أحدها أن الظرف يعمل فيه الوهم مثلا ؛ كذا عهد إلىّ أبو على رحمهالله فى هذا. وهذا لفظه لى فيه البتّة. والآخر أنه يجوز فى المعطوف ما لا يجوز فى المعطوف عليه. ولا تقول على هذا : ضربك زيدا حسن وهو عمرا قبيح ؛ لأن الظرف يجوز فيه من الاتّساع ما لا يجوز فى غيره. وثالث : وهو أنه قد يجوز أن يكون (اليوم) من قولك : قيامك أمس حسن وهو اليوم قبيح ظرفا لنفس (قبيح) ، يتناوله فيعمل فيه. نعم ، وقد يجوز أن يكون أيضا حالا للضمير الذى فى قبيح ، فيتعلّق حينئذ بمحذوف. نعم ، وقد يجوز أن يكون أيضا حالا من (هو) ، وإن تعلق بما العامل فيه (قبيح) ؛ لأنه قد يكون العامل فى الحال غير العامل فى ذى الحال. نحو قول الله تعالى (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) [البقرة : ٩١] فالحال هاهنا من الحق ، والعامل فيه (هو) وحده ، أو (هو) والابتداء الرافع له.
وكلا ذينك لا ينصب الحال. وإنما جاز أن يعمل فى الحال غير العامل فى صاحبها ، من حيث كانت ضربا من الخبر ، والخبر العامل فيه غير العامل فى المخبر عنه. فقد عرفت بذلك فرق ما بين المسألتين.
وكذلك لو قيل لك : أضمر رجلا من قولك : رب رجل مررت به لم يجز ، (لأنك تصير) إلى أن تقول : ربه مررت به ، فتعمل ربّ فى المعرفة. فأما قولهم : ربّه رجلا وربّها امرأة ، فإنما جاز ذلك لمضارعة هذا المضمر للنكرة ؛ إذ كان إضمارا على غير تقدّم ذكر ، ومحتاجا إلى التفسير ، فجرى تفسيره مجرى الوصف له.
فلمّا كان المضمر لا يوصف ، ولحق هذا المضمر من التفسير ما يضارع الوصف ،
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لعمرو بن يربوع فى جمهرة اللغة ص ٩٦٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢٥ ، ونوادر أبى زيد ص ١٤٦ ، وبلا نسبة فى الحيوان ١ / ١٨٦ ، ٦ / ١٩٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٨ ، ورصف المبانى ص ١٤٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٠٤ ، ١٤٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٣٤ ، ٩ / ١٠١ ، ولسان العرب (أهل).