الجارود ، وقال أبو داود : ضعيف ضعيف أنا لا أكتب حديثه. وقال أبو حاتم (١) : ليس بقوي. وقال ابن حبّان (٢) : كان فاحش الخطأ. وقال الساجي : فيه نظر (٣).
فلمكان الرجلين نصّ الحافظ البيهقي على ضعفها ، وأقرّه الخفاجي في شرح الشفا : (٣ / ١٦١) ، وعليّ القاري في شرحه هامش شرح الخفاجي (٤) (٣ / ١٦١).
وأمّا مؤدّى هذه الروايات الثلاث فكبقيّة أخبار الملاحم ، لا يستنتج منها مدح لصاحبها أو قدح ، إلاّ إذا قايسناها بأعمال معاوية المباينة لها في الخارج ، المضادّة لما جاء فيها من العهد والوصيّة ، فلم يكن ممّن ملك فأحسن ، ولا ممّن ولي فاتّقى وعدل ، ولا ممّن قبل من محسن ، وعفا عن مسيء ، فما ذا عسى أن يُجديه مثل هذه البشائر ـ وليست هي ببشائر بل إقامة حجّة عليه ـ وهو غير متّصف بما أُمر به فيها؟ وكلّ ما ناء به في منتأى عن الإحسان والعدل والتقوى ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم أنّه لا يعمل بشيء من ذلك لكنّه أراد إتمام الحجّة عليه على كونها تامّة عليه بعمومات الشريعة وإطلاقاتها ، فأين هي من التبشير بأنّ ما يليه من الملك العضوض ملوكيّة صالحة ، فضلاً عن الخلافة عن الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وقد جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك الملك قوله : «إنّ فيه هنات وهنات وهنات» (٥) ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا معاوية : إنّك إن اتّبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم» (٦) إلى كلمات أخرى فيه وفي ملكه.
ولو كان ابن حجر ممّن يعرف لحن الكلام ومعاريض المحاورات ، ولم يكن في أُذنه وقر ، وفي بصره عمى لعلم أنّ الروايات المذكورة بأن تكون ذموماً لمعاوية أولى
__________________
(١) الجرح والتعديل : ٢ / ١٥٢ رقم ٥١٢.
(٢) كتاب المجروحين : ١ / ١٢٢.
(٣) تهذيب التهذيب : ١ / ٢٧٩ [١ / ٢٤٤]. (المؤلف)
(٤) شرح الشفا : ١ / ٦٨٣.
(٥) الخصائص الكبرى : ٢ / ١١٦ [٢ / ١٩٨]. (المؤلف)
(٦) سنن أبي داود : ٢ / ٢٩٩ [٤ / ٢٧٢ ح ٤٨٨٨]. (المؤلف)