الباغي عليك لكان لك أن تحذّرني ذلك ، ولكنّي وجدت الله تعالى يقول : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) فنظرنا إلى الفئتين ، أمّا الفئة الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها ، لأنّ بيعتي لزمتك وأنت بالشام ، كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة ، وأنت أمير لعُمر على الشام ، وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر وهو أمير لأبي بكر على الشام.
وأمّا شقّ عصا هذه الأُمّة ، فأنا أحقّ أن أنهاك عنه ، فأمّا تخويفك لي من قتل أهل البغي ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرني بقتالهم وقتلهم ، وقال لأصحابه : إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله. وأشار إليّ ، وأنا أولى من اتّبع أمره. وأمّا قولك : إنّ بيعتي لم تصحّ ، لأنّ أهل الشام لم يدخلوا فيها ، فكيف؟ وإنّما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب ، لا يُثنّى فيها النظر ، ولا يُستأنف فيها الخيار ، الخارج منها طاعن ، والمُروّي (١) فيها مُداهن ، فاربع على ظلعك ، وانزع سربال غيّك. واترك ما لا جدوى له عليك ، فليس لك عندي إلاّ السيف ، حتى تفيء إلى أمر الله صاغراً ، وتدخل في البيعة راغماً ، والسلام».
ومن كتاب لمعاوية إلى عليّ عليهالسلام :
فدع اللجاج والعبث جانباً ، وادفع إلينا قتلة عثمان ، وأعد الأمر شورى بين المسلمين ، ليتّفقوا على من هو لله رضا ، فلا بيعة لك في أعناقنا ، ولا طاعة لك علينا ، ولا عُتبى لك عندنا ، وليس لك ولأصحابك إلاّ السيف.
فأجابه الإمام عليهالسلام بكتاب منه قوله :
«وزعمت أنّ أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان ، فذكرت أمراً إن تمّ
__________________
(١) روّى في الأمر : نظر وفكّر ، أي الذي يفكّر ويروّي فيها ويبطئ عن الطاعة ، مداهن : أي منافق. (المؤلف)