وما يمنعني من ذلك؟ والله لو أُمِكنت من ابن سميّة ما قتلته بعثمان رضى الله عنه ، ولكن كنت قاتله بناتل مولى عثمان. فقال شبث :
وإله الأرض وإله السماء ما عدلت معتدلاً ، لا والذي لا إله إلاّ هو ، لا تصل إلى عمّار حتى تندُر الهام عن كواهل الأقوام ، وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها.
فقال له معاوية : إنّه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك أضيق.
وتفرّق القوم عن معاوية ، فلمّا انصرفوا ، بعث معاوية إلى زياد بن حنظلة (١) التميمي فخلا به ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال :
أمّا بعد يا أخا ربيعة ، فإنّ عليّا قطع أرحامنا ، وآوى قتلة صاحبنا ، وإنّي أسألك النصر بأُسرتك وعشيرتك ، ثم لك عهد الله جلّ وعزّ وميثاقه أن أُولّيك إذا ظهرت أيّ المصرين أحببت. قال زياد : فلمّا قضى معاوية كلامه ، حمدت الله عزّ وجلّ وأثنيت عليه ، ثم قلت :
أمّا بعد : فإنّي على بيّنة من ربّي ، وبما أنعم عليّ ، فلن أكون ظهيراً للمجرمين ، ثم قمت (٢).
وروى ابن ديزيل من طريق عمرو بن سعد بإسناده ، أنّ قرّاء أهل العراق ، وقرّاء أهل الشام عسكروا ناحية وكانوا قريباً من ثلاثين ألفاً ، وأنّ جماعة من قرّاء العراق منهم : عبيدة السلماني ، وعلقمة بن قيس ، وعامر بن عبد قيس ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم ، جاءوا معاوية فقالوا له : ما تطلب؟ قال : أطلب بدم عثمان. قالوا : فمن تطلب به؟ قال : عليّا. قالوا : أهو قتله؟ قال : نعم وآوى قتلته. فانصرفوا إلى عليّ فذكروا له ما قال فقال : «كذب لم أقتله وأنتم تعلمون أنّي لم أقتله» ، فرجعوا
__________________
(١) مرّ أنه في المصادر الثلاثة : زياد بن خصفة.
(٢) تاريخ الطبري : ٦ / ٣ [٥ / ٧٥ حوادث سنة ٣٨ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ١٢٤ [٢ / ٣٦٧ سنة ٣٧] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٥٨ [٧ / ٢٨٦ حوادث سنة ٣٧ ه]. (المؤلف)