وأمّا أبوه فلم يثبت أمره إلاّ بتعيين أبي بكر إيّاه ، «فيا عجباً [بَينَا هُوَ] (١) يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها ، فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها» (٢) ، والناس متذمّر على المستخلف ، كلّهم ورم أنفه من ذلك ، قائلين : ما تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّا غليظاً؟ ثم ألحقت الناس به العوامل المذكورة.
وأمّا حديث الشورى ، وما أدراك ما حديث الشورى؟ فسل عنه سيف عبد الرحمن بن عوف الذي لم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره ، واذكر قوله لعلّي : بايع وإلاّ ضربت عنقك ، أو قوله له : لا تجعلنّ على نفسك سبيلاً. كما ذكره البخاري ، والطبري وغيرهما (٣) ، وزاد ابن قتيبة : فإنّه السيف لا غير. أو قول أصحاب الشورى لمّا خرج عليّ مغضباً ولحقوه : بايع وإلاّ جاهدناك (٤). أو قول أمير المؤمنين : «متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ، لكنّي أسففت إذْ أسفّوا ، وطرت إذْ طاروا. فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال آخر لصهره ، مع هنٍ وهنٍ». إلخ (٥)
لكن ابن عمر ـ على زعم ابن حجر ـ لا يرى كلّ هذه خلافاً في خلافة القوم
__________________
(١) الزيادة من نهج البلاغة.
(٢) جُمل لمولانا أمير المؤمنين من خطبته الشقشقية. راجع : ٧ / ٨١ [نهج البلاغة : ص ٤٨ خطبة ٣]. (المؤلف)
(٣) صحيح البخاري باب كيف يبايع الإمام : ١٠ / ٢٠٨ [٦ / ٢٦٣٥ ح ٦٧٨١] ، تاريخ الطبري : ٥ / ٣٧ ، ٤٠ [٤ / ٢٣٣ ، ٢٣٨ حوادث سنة ٢٣ ه] ، الإمامه والسياسة : ١ / ٢٥ [١ / ٣١] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٣٠ [٢ / ٢٢٣ سنة ٢٣] ، الصواعق : ص ٣٦ [ص ١٠٦] ، فتح الباري : ١٣ / ١٦٨ [١٣ / ١٩٧] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ١٠٢ [ص ١٤٣]. (المؤلف)
(٤) أنساب البلاذري : ٥ / ٢٢ [٦ / ١٢٨]. (المؤلف)
(٥) راجع الجزء السابع : ص ٨١. (المؤلف)