ولم يألُ الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم جهداً في تحذير المسلمين عن التورّط في هذه الفتنة العمياء بخصوصها ، ويعرّفهم مكانة أمير المؤمنين ، ويكرّههم مسّه بشيءٍ من الأذى من قتال ، أو سبّ ، أو لعن ، أو بغض ، أو تقاعد عن نصرته ، ويحثّهم على ولائه واتّباعه واقتصاص أثره ، والكون معه بعد ما قرن الله ولايته بولايته وولاية الرسول ، وطاعته بطاعتهما فقال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) وقوله تعالى (٢) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣).
لكن معاوية لم يقنعه الكتاب والسنّة فباء بتلكم الآثام كلّها ، وجانب هاتيك الأحكام الواجبة جمعاء ، فكان من القاسطين وهو يرأسهم (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (٤). نعم ؛ لم يقنع معاوية :
[١ ـ] قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله».
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليّا فقد أطاعني ، ومن عصى عليّا فقد عصاني».
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروني ، بم تخلفوني فيهما».
__________________
(١) راجع ما فصّلناه في : ٢ / ٥٢ ، ٥٨ و ٣ / ١٥٥ ـ ١٦٢. (المؤلف)
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) صحيح البخاري باب التفسير [٤ / ١٦٧٤ ح ٤٣٠٨] ، كتاب الأحكام [٦ / ٢٦١١ ح ٦٧١٨] ، صحيح مسلم : ٦ / ١٣ [٤ / ١١٤ ح ٣١ كتاب الإمارة]. (المؤلف)
(٤) الجنّ : ١٥.