نظر لأنّ عبد الرزّاق (١) ، وابن أبي شيبة (٢) ، روياه جميعاً عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، وهذا إسناد صحيح ، لكن يعارضه حديثا ابن عبّاس وابن عمر ، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادراً ، وإلاّ فما في الصحيحين أصحّ.
وأخرج الشافعي (٣) ، عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عبّاس ، وزاد حتى قدم معاوية فقدم الخطبة ، وهذا يشير إلى أنّ مروان إنّما فعل ذلك تبعاً لمعاوية ، لأنّه كان أمين المدينة من جهته ، وروى عبد الرزّاق (٤) ، عن ابن جريج ، عن الزهري : أوّل من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية ، وروى ابن المنذر ، عن ابن سيرين : أوّل من فعل ذلك زياد بالبصرة. قال عياض : ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان ، لأنّ كلاّ من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية ، فيحمل على أنّه ابتدأ ذلك ، وتبعه عمّاله. انتهى.
وقال السكتواري في محاضرة الأوائل (٥) (ص ١٤٤) : أوّل من بدأ بالخطبة قبل الصلاة معاوية ، وجرى ذلك في الأمراء المروانيّة ، كمروان وزياد وهو فعله بالعراق ، ومعاوية بالمدينة شرّفها الله تعالى.
قال الأميني : مرّ في الجزء الثامن (ص ١٦٤ ـ ١٦٧) بيان السنّة الثابتة في خطبة العيدين ، وأنّها بعد الصلاة كما مضى عليه الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم واتّبعه الشيخان ، وعثمان ردحاً من أيّامه ، ثم حداه عيّه عن تلفيق الخطبة بصورة مرضيّة ، فكانت
__________________
(١) المصنّف : ٣ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ح ٥٦٤٤ و ٥٦٤٥.
(٢) مصنّف ابن أبي شيبة : ٢ / ١٧١.
(٣) كتاب الأُمّ للشافعي : ١ / ٢٣٥.
(٤) المصنّف : ٣ / ٢٨٤ ح ٥٦٤٦.
(٥) وانظر الأوائل لأبي هلال العسكري : ص ١٢٥.