مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ، فمن بعدهم : لا تجوز الجمعة إلاّ بعد زوال الشمس ، ولم يخالف في هذا إلاّ أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، فجوّزاها قبل الزوال.
قال القاضي : وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصحّ منها شيء ، إلاّ ما عليه الجمهور.
وقال القسطلاني : هو مذهب عامّة العلماء ، وذهب أحمد إلى صحّة وقوعها قبل الزوال متمسّكاً بما روي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان أنّهم كانوا يصلّون الجمعة قبل الزوال من طريق لا تثبت (١).
طرق ما تمسّك به أحمد تنتهي إلى عبد الله بن سيدان السلمي ، زيّفها الحفّاظ لمكان ابن سيدان ، قال الزيلعي في نصب الراية (٢ / ١٩٦) : فهو حديث ضعيف. وقال النووي في الخلاصة : اتّفقوا على ضعف ابن سيدان. وقال ابن حجر في فتح الباري (٢) (٢ / ٣٠٩) : إنّه تابعيّ كبير ، إلاّ أنّه غير معروف العدالة. قال ابن عدي (٣) : شبه المجهول. وقال البخاري (٤) : لا يتابع على حديثه ، بل عارضه ما هو أقوى منه. ثم ذكر من عمل أبي بكر ، وعمر ، وعليّ ، على خلاف حديث ابن سيدان ، بأسانيد صحيحة.
فالسنّة الثابتة في توقيت الجمعة هي السنّة المتّبعة في صلاة الظهر ، وإقامة معاوية الجمعة في الضحى خروج عن سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهديه ، وشذوذ عن سيرة السلف كشذوذه في بقيّة أفعاله وتروكه.
__________________
(١) إرشاد الساري : ٢ / ١٦٤ [٢ / ٦٤٨]. (المؤلف)
(٢) فتح الباري : ٢ / ٣٨٧.
(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٤ / ٢٢٢ رقم ١٠٣١.
(٤) التاريخ الكبير : ٥ / ١١٠ رقم ٣٢٨.