والحسين. ثم قالت الدابّة : أتريد أن تقعد هاهنا أم الرجوع إلى أهلك؟ فقلت : الرجوع إلى أهلي. فقالت : اصبر حتى تمرّ بك مركب.
فبينما نحن كذلك وإذا بمركب أقبلت تجري ، فأومأت إليها ، فرفعوا إليّ زورقاً فركبت فيه ، ثم جئت إليهم فوجدت المركب فيها اثنا عشر رجلاً كلّهم نصارى فقالوا : ما الذي جاء بك إلى هاهنا؟ فقصصت عليهم قصّتي ، فعجبوا عن آخرهم ، وأسلموا جميعاً. مصباح الظلام للسيد محمد الجرداني (١) (٢ / ٣٠).
قال الأميني : ابن آدم راوي هذه الأغلوطة لا يعرفه الحفّاظ رجال الجرح والتعديل في أولاد آدم ، وإنّما عرّفوه بالجهالة ، ولا أحسب أنّ آدم أبا البشر أيضاً يعرف ابنه هذا ، ولا تدري الأُمّهات أيّ ابن بيّ هو ، والأسقف صاحب القصّة وابن آدم هما صنوان في الجهالة ، لا يعرفهما آدميّ.
ونحن إن صدّقنا متن الرواية ، وذهبنا إلى ما ذهب إليه مسلم الجنّ وأخبر به ، ولعنّا مبغضي الخلفاء الأربعة ، ورأينا مأواهم النار. فإلى من وجّهنا القوارص عندئذ ، وأين تقع من سبابنا أُمّة كبيرة من الصحابة العدول ، أو عدول الصحابة الذين كان بينهم وبين أيّ من هؤلاء الأربعة عداء محتدم وبغضاء لاهبة؟ أنا هنا في مشكلة لا تنحلّ لي!
وعجبي من رعونة أولئك الرهط من النصارى الذين قبلوا من الأسقف دعواه المجرّدة ، وأذعنوا لها وصدّقوه فيما جاء به عن وادي الجنّ ، وما كانوا مصدّقين نبأ الرسول الأمين عن إله السماوات المحفوفة دعوته بألف من الدلائل والبيّنات ، والمتلوّة بأنباء الكهنة والأساقفة والهتافات الكثيرة التي سجّلها التاريخ ، كأنّهم سحرهم سجع دابّة الجنّ الموزون في ورد ليله وسحره ، ووجدوه آية الحقّ ، وشاهد الدعوى.
__________________
(١) مصباح الظلام : ٢ / ٧٢ ح ٣٦٢.