وأدين اللّه بصحة ما وعد به من سعة الجنة ، وطيب مساكنها ، وسرُرها الموضوعة ، ومآكلها المستلذة المستطابة ، وفواكهها الكثيرة التي ليست بمقطوعة ولا ممنوعة ، وأنهارها الجارية التي ليست بمستقذرة ولا آسنة ، ولا متغيرة ولا آجنةٍ ، وملابسها الفاخرة ، وزوجاتها الحسان الطاهرة ، والبهية النّاضِرة ، ونحو ذلك مما بيّنه اللّه تعالى في كتابه المجيد ، وهو حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأدين اللّه تعالى أنّه لابدَّ من عقاب الكافرين في جهنم بالعذاب الأليم ، وشراب الحميم ، وشجرة الزَّقُّوم طعام الأثيم ، وأنّهم يخلّدون فيها أبداً ، ويلبسون ثياباً من نار ، وسرابيل من القَطِران ، كلّما نضجت جلودُهم بدّلهم اللّه جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ، وكل ذلك معلوم من ضرورة الدين.
فصل [ في أهل الكبائر ]
فإنّ قيل : ماذا تدين به في أهل الكبائر سوى أهل الكفر؟
فقل : أُسمّيهم : فُسّاقاً ، ومجرمين ، وطغاة ، وظالمين ، لاِجماع الأمّة على تسميتهم بذلك ، ولا أُسمّيهم كفاراً على الاِطلاق ، ولاموَمنين (١) لفقد الدلالة على ذلك.
وأدين اللّه تعالى بأنّهم متى ماتوا مُصرّين على الكبائر فإنّهم يدخلون نار جهنم ، ويخلّدون (٢) فيها أبداً ، ولا يخرجون في حال من الأحوال ، لقوله تعالى : « إنَّ
__________________
١ ـ عند الاِمامية أنّهم موَمنون وللاِيمان درجات ومراتب وقد أوضحنا الحال في الجزء الثالث من هذه الموسوعة عند الكلام عن الأصل الرابع للمعتزلة : المنزلة بين المنزلتين.
٢ ـ عند الاِمامية أنّهم غير مخلدين وقد أوضحنا الحال في الجزء الثاني عند الكلام في الوعد والوعيد عند المعتزلة.