قال عقيل بن أبي طالب : جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا : إنّ ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي كعبتنا وفي ديارنا ويُسمعنا ما نكره ، فإن رأيت أن تكفّه عنّا فافعل. فقال لي : يا عقيل التمس لي ابن عمّك. فأخرجته من كِبْس (١) من كباس أبي طالب. فجاء يمشي معي يطلب الفيء يطأ فيه لا يقدر عليه ، حتى انتهى إلى أبي طالب فقال : يا بن أخي والله لقد كنت لي مطيعاً ، جاء قومك يزعمون أنّك تأتيهم في كعبتهم وفي ناديهم فتؤذيهم وتسمعهم ما يكرهون ، فإن رأيت أن تكفّ عنهم. فحلّق بصره إلى السماء وقال : والله ما أنا بقادر أن أردّ ما بعثني به ربّي ، ولو أن يشعل أحدهم من هذه الشمس ناراً. فقال أبو طالب : والله ما كذب قطّ ، فارجعوا راشدين.
قال الأميني : هكذا أخرجه البخاري في تاريخه (٢) بإسناد رجاله كلّهم ثقات ، وبهذا اللفظ ذكره المحبّ الطبري في ذخائر العقبى (ص ٢٢٣). غير أنّ ابن كثير لمّا رأى لكلمة : راشدين. قيمة في إيمان أبي طالب حذفها في تاريخه (٣) (٣ / ٤٢). حيّا الله الأمانة!
وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (٤) (١ / ١٧١) حديث الدعوة عن عليّ وفيه : «ثمّ قال لهم صلىاللهعليهوآلهوسلم : من يؤازرني على ما أنا عليه ويجيبني على أن يكون أخي وله الجنّة؟ فقلت : أنا يا رسول الله ، وإنّي لأحدثهم سنّا ، وأحمشهم ساقاً. وسكت القوم ، ثمّ قالوا : يا أبا طالب ألا ترى ابنك؟ قال : دعوه فلن يألو (٥) ابن عمّه خيرا».
وروى أبو عمرو الزاهد الطبري عن تغلب عن ابن الأعرابي أنّه قال في لغة ـ العور ـ إنّه الرديّ من كلّ شيء قال : ومن العور ما في رواية ابن عبّاس. ثمّ ذكر
__________________
(١) الكِبس : البيت الصغير.
(٢) التاريخ الكبير : ٧ / ٥٠ رقم ٢٣٠.
(٣) البداية والنهاية : ٣ / ٥٥.
(٤) الطبقات الكبرى : ١ / ١٨٧.
(٥) يألو : يقصّر. (المؤلف)