ما تنعقد به الإمامة :
قال القاضي عضد الإيجي في المواقف (١) : المقصد الثالث فيما تثبت به الإمامة : أنّها تثبت بالنص من الرسول ، ومن الإمام السابق بالإجماع ، وتثبت ببيعة أهل الحلّ والعقد خلافاً للشيعة ؛ دليلنا ثبوت إمامة أبي بكر رضى الله عنه بالبيعة (٢).
وقال : إذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة ، فاعلم أنّ ذلك لا يفتقر إلى الإجماع (٣) إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع ، بل الواحد والاثنان من أهل الحلّ والعقد كافٍ لعلمنا أنّ الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك كعقد عمر لأبي بكر ، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان ، ولم يشترطوا اجتماع من في المدينة فضلاً عن إجماع الأمّة. هذا ولم ينكر عليهم أحد ، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا هذا.
وقال بعض الأصحاب : يجب كون ذلك بمشهد بيّنة عادلة كفّا للخصام في ادّعاء من يزعم عقد الإمامة له سرّا قبل من عقد له جهراً ، وهذا من المسائل الاجتهاديّة.
ثمّ إذا اتّفق التعدد تفحص عن المتقدّم فأُمضي ، ولو أصرّ الآخر فهو من البغاة ، ولا يجوز العقد لإمامين في صقع متضايق الأقطار ، أمّا في متّسعها بحيث لا يسع الواحد تدبيره فهو محل الاجتهاد. انتهى ما في المواقف. وقد أقرّه شرّاحه وهم : السيّد الشريف الجرجاني ، والمولى حسن چلبي ، والشيخ مسعود الشيرواني. راجع شرح المواقف (٤) (٣ / ٢٦٥ ـ ٢٦٧).
__________________
(١) المواقف : ص ٣٩٩.
(٢) أُنظر إلى هذا النول الذي تشابهوا في النسج عليه. (المؤلف)
(٣) قال السيد الشريف الجرجاني : يعني من جميع أهل الحلّ والعقد. (المؤلف)
(٤) شرح المواقف : ٨ / ٣٥٢.