قالوا : لمّا سمعنا بمخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكّة وتوكّفنا (١) قُدومه كنّا نخرج إذا صلّينا الصبح إلى ظاهر حرّتنا ننتظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فو الله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال ، فإذا لم نجد ظلاّ دخلنا ، وذلك في أيّام حارّة.
فلمّا قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة وصلّى الجمعة أتاه عتبان بن مالك وعبّاس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ـ يعني ناقته ـ فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا وازنت دار بني بياضة ، تلقّاه زياد بن لبيد ، وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ، فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا مرّت بدار بني ساعدة ، اعترضه سعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ، فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا وازنت دار بني الحرث بن الخزرج اعترضه سعد ابن الربيع ، وخارجة بن زيد ، وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحرث بن الخزرج ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة». فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا مرّت بدار بني عديّ بن النجار اعترضها سليط بن قيس ، وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عديّ فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلى أخوالك إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها ، فإنّها مأمورة». فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار ، بركت على باب مسجده صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يومئذ مربد (٢) لغلامين يتيمين من بني النجّار : سهل وسهيل ابني عمرو ، فلمّا بركت ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليها لم ينزل وثبَتْ ، فسارت غير
__________________
(١) استشعرناه وانتظرناه. (المؤلف)
(٢) بكسر الميم وفتح الباء بينهما مهملة ساكنة أصله الموضع الذي يجفّف فيه التمر. (المؤلف)