فأولئك القومُ الذين على هدىً |
|
من ربِّهم فمن اقتدى بهمُ اهتدى |
والسبطُ حرّانُ الحشا لمصابِهمْ |
|
حيرانُ لا يلقى نصيراً مُسعدا |
حتى إذا اقتربت أباعيد الردى |
|
وحياتُه منها القريبُ تبعّدا |
دارت عليه علوجُ آل أُميّةٍ |
|
من كلّ ذي نقص يزيد تمرّدا |
فرموه عن صُفر القسيِّ بأسهمٍ (١) |
|
من غير ما جُرم جناهُ ولا اعتدا |
فهوى الجوادُ عن الجوادِ فرجّت |
|
السبع الشداد وكان يوماً أنكدا |
واحتزَّ منه الشمرُ رأساً طالما |
|
أمسى له حجرُ النبوّةِ مرقدا |
فبكته أملاكُ السمواتِ العلى |
|
والدهرُ بات عليه مشقوقَ الردا |
وارتدَّ كفُّ الجود مكفوفاً وطر |
|
فُ العلمِ مطروفاً (٢) عليه أرمدا |
والوحشُ صاحَ لما عراه من الأسى |
|
والطيرُ ناحَ على عزاه وعدّدا (٣) |
وسروا بزينِ العابدينَ الساجدِ |
|
الباكي الحزينِ مُقيّداً ومُصفّدا |
وسكينةٌ سكنَ الأسى في قلبِها |
|
فغدا بضامرها (٤) مُقيماً مُقعدا |
وأسال قتلُ الطفِّ مدمعَ زينبٍ |
|
فجرى ووسطَ الخدِّ منها خدّدا |
ورأيت ساجعةً تنوحُ بأيكةٍ (٥) |
|
سجعتْ فأخرستِ الفصيحَ المنشدا |
بيضاءُ كالصبحِ المضيءِ أكفُّها |
|
حمرٌ تطوّقت الظلامَ الأسودا |
ناشدتها يا وِرقُ ما هذا البكا |
|
ردِّي الجوابَ فجعتِ قلبي المكمدا |
والطوقُ فوقَ بياضِ عنقكِ أسودٌ |
|
وأكفُّكِ حمرٌ تحاكي العسجدا |
لمّا رأت ولهي وتسآلي لها |
|
ولهيبَ قلبي نارُه لن تخمدا |
__________________
(١) الصفر : الدائرة. القسي جمع القوس : آلة معروفه ترمى بها السهام. (المؤلف)
(٢) المطروفة من العين : التي أصابها شيء فدمعت. (المؤلف)
(٣) عدّد الميت : عدّ مناقبه ووصفها. (المؤلف)
(٤) ضمر فهو ضامر : هزل ودقّ وقلّ لحمه. (المؤلف)
(٥) الأيكة : الشجر الكثير الملتفّ. (المؤلف)