قال الأميني : عجباً لهؤلاء القوم لم يسلم منهم حتى أمين الله على وحيه ـ جبرائيل ـ المعصوم من الزلل من أوّل يومه فجعلوه في عداد إبليس اللعين الطريد لو لا أنّ أبا بكر تدارك أمره!
عجباً لهذا الملك المزعوم يأتمنه المولى سبحانه ثمّ يرتاب في أمره ، ولا يُصلح ذلك الشنار القول بأنّه إنّما ائتمنه بعد زلّته تلك ، فإنّه سبحانه لا يأتمن من يمكن في حديث نفسه الكفر ، فلعلّ تلك الخاطرة دبّت فيه ولم يحصل من يسدّده فتعود هاجسته كفراً صريحاً.
عجباً لهذا الملك المقرّب تروعه هيبة أبي بكر ولا تأخذه هيبة الإله العظيم فيطيع أبا بكر وهو يهم أن يطيع الله في أمره بالسجدة ، وأيّ سجدة هذه وما قيمتها من مثل جبرئيل وقد وقعت من هيبة أبي بكر لا بصفة القربان إلى المولى سبحانه والزلفى لديه والامتثال لأمره؟ فكأن هيبة أبي بكر في الملأ الأعلى أعظم وأفخم من هيبة بارئه جلّت عظمته!
ثمّ أين كانت قبّة أبي بكر من مستوى عالم الملكوت؟ ومن الأحرى أن تضرب هنالك قبّة نبيّ العظمة حتى يسدّد فيها من شارف الزلّة لا قبّة إنسان من الممكن أن تكتنفه المآثم ، وتموت بضعة المصطفى وهي واجدة عليه.
ومن أين علم أبو بكر بهاجسة جبرئيل وحديث نفسه؟ أو هل كان يعلم الغيب؟ أو أُوحي إليه بواسطة غير أمين الوحي؟ لك الحكم في هذه كلّها أيّها القارئ الكريم.
ثمّ العجب من مشايخ الأزهر الذين أخبتوا إلى هذه الخزاية فأثبتوها في الكتب ولهجوا بها في الأندية ، وخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى فنشروها في الملأ العلمي وشوّهوا بها صفحة التاريخ وسمعة الاسلام المقدّس ، نعم : أرادوا نحت فضيلة للخليفة فأعماهم الغلوّ في الفضائل فنحتوها رذيلةً لجبرئيل