وعن أنس بن مالك قال : كان في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجل يعجبنا تعبّده واجتهاده ، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باسمه فلم يعرفه ، فوصفناه بصفته فلم يعرفه ، فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا : هو هذا. قال : «إنّكم لتخبروني عن رجل إنّ في وجهه لسفعة من الشيطان» فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلّم. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس : ما في القوم أحد أفضل منّي أو خير منّي؟» قال : اللهمّ نعم. ثمّ دخل يصلّي فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من يقتل الرجل؟» فقال أبو بكر : أنا ، فدخل عليه فوجده قائماً يصلّي ، فقال : سبحان الله أقتل رجلاً يصلّي؟ وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قتل المصلّين ، فخرج. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما فعلت؟» قال : كرهت أن أقتله وهو يصلّي وأنت قد نهيت عن قتل المصلّين. قال : «من يقتل الرجل؟» قال عمر : أنا. فدخل فوجده واضعاً جبهته. فقال عمر : أبو بكر أفضل منّي ، فخرج فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم «مَه؟» قال : وجدته واضعاً وجهه لله فكرهت أن أقتله. فقال : «من يقتل الرجل؟» فقال عليّ : أنا. فقال : «أنت إن أدركته». فدخل عليه فوجده قد خرج. فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له : «مَه؟» قال : وجدته قد خرج. قال : «لو قُتل ما اختلف من أمّتي رجلان كان أوّلهم وآخرهم» (١).
صاحب القصّة هو ذو الثُّديّة رأس الفتنة يوم النهروان قتله أمير المؤمنين الإمام عليّ يوم ذاك كما في صحيح مسلم (٢) وسنن أبي داود (٣) ، قال الثعالبي في ثمار القلوب (٤)
__________________
(١) حلية الأولياء : ٣١٧ ، ٣ / ٢٢٧ [ رقم ٢٤٥ ] ، مسند البزّار من طريق الأعمش ، وأبو يعلى في مسنده [ ١ / ٩٠ ح ٩٠ ] كما في تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٩٨ [ ٧ / ٣٣٠ حوادث سنة ٣٧ ه ] ، الإصابة : ١ / ٤٨٤ [ رقم ٢٤٤٦ ]. (المؤلف)
(٢) صحيح مسلم : ٢ / ٤٤٣ ح ١٥٦ كتاب الزكاة.
(٣) سنن أبي داود : ٤ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ح ٤٧٦٨ ـ ٤٧٦٩.
(٤) ثمار القلوب : ص ٢٩٠ رقم ٤٣٧.