عمر فجلده عمر الحدّ ، فقال الأعرابي : إنّما شربت من شرابك. فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ثمّ شرب منه وقال : من رابه من شرابه شيء فليكسره بالماء. ثمّ قال الجصّاص : ورواه إبراهيم النخعي عن عمر نحوه وقال فيه : إنّه شرب منه بعد ما ضرب الأعرابي.
وفي جامع مسانيد أبي حنيفة (٢ / ١٩٢) قال : هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه. وكان يحبّ الشراب الشديد.
وعن ابن جريج : أنّ رجلاً عبّ في شراب نُبِذ لعمر بن الخطّاب بطريق المدينة فسكر ، فتركه عمر حتى أفاق فحدّه ثمّ أوجعه عمر بالماء فشرب منه (١).
وعن أبي رافع : إنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قال : إذا خشيتم من نبيذ شدّته فاكسروه بالماء. أخرجه النسائي في سننه (٢) (٨ / ٣٢٦) وعدّه ممّا احتجّ به من أباح شرب المسكر.
وأخرج القاضي أبو يوسف في كتاب الآثار (ص ٢٢٦) من طريق أبي حنيفة عن إبراهيم أبي عمران الكوفي التابعي (٣) ، قال : إنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه أخذ رجلاً سكران فأراد أن يجعل له مخرجاً فأبى إلاّ ذهاب عقل ، فقال : احبسوه فإذا صحا (٤) فاضربوه ، ثمّ أخذ فضل إداوته فذاقه فقال : أوه هذا عملَ بالرجال العمل ، ثمّ صبّ فيه ماء فكسره فشرب وسقى أصحابه ، وقال : هكذا اصنعوا بشرابكم إذا غلبكم شيطانه.
ومن العجيب حدّ من شرب من إداوة عمر فسكر لأنّه إن كان لا يعلم أنّ ما في
__________________
(١) حاشية سنن البيهقي لابن التركماني : ٨ / ٣٠٦ ، كنز العمّال : ٣ / ١١٠ [٥ / ٥١٧ ح ١٣٧٧٩]. (المؤلف)
(٢) السنن الكبرى : ٣ / ٢٣٧ ح ٥٢١٤.
(٣) المرجّح أن أبا حنيفة المولود سنة ٨٠ ه لم يسمع من إبراهيم المتوفى سنة ٩٦ ه مباشرة ؛ بل أخذ عنه بواسطة حماد بن أبي سليمان الذي يعد أوّل من اتصل بهم أبو حنيفة لطلب العلم.
(٤) صحا السكران صحواً : زال سكره. (المؤلف)