ولاعتياده عليها منذ مدّة غير قصيرة إلى نزول آية المائدة في حجّة الوداع طفق يشرب النبيذ الشديد بعد نزول ذلك الوعيد ، وبعد قوله : انتهينا انتهينا. وكان يقول : إنّا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا أن تؤذينا فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء (١).
وقال : إنّي رجل معجار (٢) البطن أو مسعار البطن ، وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطني. أخرجه ابن أبي شيبة كما في كنز العمّال (٣) (٣ / ١٠٩).
وقال : لا يقطع لحوم هذه الإبل في بطوننا إلاّ النبيذ الشديد.
جامع مسانيد أبي حنيفة (٢ / ١٩٠ ، ٢١٥).
وكان يشرب النبيذ الشديد إلى آخر نفَس لفظه ، قال عمرو بن ميمون : شهدت عمر حين طُعن أُتي بنبيذ شديد فشربه. تاريخ بغداد للخطيب (٦ / ١٥٦).
وكان حدّة شرابه وشدّته بحيث لو شرب غيره منه لسكر وكان يقيم عليه الحدّ ، غير أنّ الخليفة كان لم يتأثّر منه لاعتياده أو كان يكسره ويشربه. قال الشعبي : شرب أعرابيّ من إداوة عمر فأُغشي فحدّه عمر. ثمّ قال : وإنّما حدّه للسكر لا للشرب.
العقد الفريد (٤) (٣ / ٤١٦).
وفي لفظ الجصّاص في أحكام القرآن (٥) (٢ / ٥٦٥) : إنّ أعرابيّا شرب من شراب
__________________
(١) السنن الكبرى : ٨ / ٢٩٩ ، محاضرات الراغب : ١ / ٣١٩ [مج ١ / ج ٢ / ٦٦٩] ، كنز العمّال : ٣ / ١٠٩ [٥ / ٥١٤ ح ١٣٧٧٢] نقلاً عن ابن أبي شيبة. (المؤلف)
(٢) لعلّه : مجعار البطن ، كما في النهاية لابن الأثير : ١ / ٢٧٥.
(٣) كنز العمّال : ٥ / ٥١٤ ح ١٣٧٧٣.
(٤) العقد الفريد : ٦ / ٢٧٨.
(٥) أحكام القرآن : ٢ / ٤٦٤.