أحسن ذلك قلب
الكلام إذا لم يشكل فمن ذلك قوله :
ترى الثور فيها
مدخل الظّلّ رأسه
|
|
وسائره باد
إلى الشمس أجمع
|
فالمعنى : مدخل
رأسه الظلّ ولكن جعل الظلّ مفعولا على السعة وأضاف إليه والنحويون يجيزون مثل هذا
في غير ضرورة فيقولون :
يا سارق الليلة أهل الدار
فأمّا الذي
يبعد فنحو قوله :
مثل القنافذ
هدّاجون قد بلغت
|
|
نجران أو
بلغت سوآتهم هجر
|
فجعل (هجر) في
اللفظ هي التي تبلغ السوآت ؛ لأن هذا لا يشكل ولا يحيل والفرق بين هذا وبين البيت
الذي قبله أنّ ذاك قدّم فيه المفعول الثاني على المفعول الأول وهو غير ملبس فحسن ؛
لأنه يجوز أن تضيف (مدخل) إلى (رأسه) ولا تذكر (الظلّ) وتضيفه إلى (الظلّ) ولا
تذكر (رأسه) وهذا خلاف ذلك لأنك جعلت الفاعل فيه مفعولا والمفعول فاعلا وينشدون في
مثله :
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر
وإنّما يشقى
الرجال وقد يحتمل المعنى غير ما قالوا (قد شقى الخزّ بفلان) إذ لم تجعله أهلا له
فهذا على السعة والتمثيل يكون المعنى : قد شقي الرمح بأبدان هؤلاء وكقولهم : أتعبت
سيفي في رقاب القوم إني فعلت به ما إذا فعل بمن يجوز عليه التّعب تعب.
فأمّا قول الله
عز وجلّ : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ
لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) [القصص : ٧٦] فقد احتمله قوم على مثل هذا وقالوا : إنّما العصبة تنوء
بالمفاتيح وتحملها في ثقل.
قال أبو العباس
: وليس هكذا التقدير إنّما التقدير : لتنوء بالعصبة : أي : تجعل العصبة مثقلة
كقولك : انزل بنا أي : اجعلنا ننزل معك وكقولك : ارحل بنا يا فلان أي : اجعلنا
نرحل معك ومثله قول ابن الخطيم :
__________________