واعلم أنّ آخر المضاعف من بنات الياء يجري مجرى ما ليس فيه تضعيف فحكم : حييت حكم خشيت فالموضع الذي تعلّ فيه لام خشيت تعلّ لام حييت فتقول : حيي يحيا كما تقول : خشي يخشى فتنقلب الياء ألفا ولا يجمع على الحرف أن تعلّ لامه وعينه فيختلّ وتقول : محيا كما تقول : مخشى ويحيا مثل يخشى وكذلك يعيى وقالوا محيا كما قالوا مخشى فإذا وقع شيء من التضعيف بالياء في موضع تلزم ياء يخشى فيه الحركة وياء يرمي وكانت حركة غير مفارقة ، فإن الإدغام جائز فيه ، وذلك قولك : قد حيّ في هذا المكان وقد عيّ بأمره ، وإن شئت قلت : قد حيي والإدغام أكثر ؛ لأن لام رمى وخشي في هذا الموضع بمنزلة الصحيح إذا كانا قد لزمها الحركة ولم يعلّا ومثل ذلك : قد أحي البلد كما تقول : أرمى يا هذا فتصحّ فلمّا ضاعفت صارت بمنزلة مدّ وأمدّ وقال عز وجلّ : (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) وكذلك قولهم : حياء وأحيّة لأنّك لو قلت : أرميّه للزم الياء الحركة ورجل عييّ وقوم أعياء ؛ لأن الحركة لازمة فإذا قلت : فعلوا وأفعلوا قلت : حيوا كما تقول خشوا فتذهب الياء ؛ لأن حركتها قد زالت كما زالت في : (ضربوا) فتحذف لالتقاء الساكنين ولا تحرك بالضمّ لثقل الضمة في الياء وأحيوا مثل أخشوا.
قال الشّاعر :
وكنّا حسبناهم فوارس كهمس |
|
حيوا بعد ما ماتوا من الدهر أعصرا |
وقد قال بعضهم : حيّوا وعيّوا لما رأوها في الواحد والإثنين في المؤنث إذا قالوا : حيّت المرأة بمنزلة المضاعف غير المعتلّ قال الشّاعر :
عيّوا بأمرهم كما |
|
عيّت ببيضتها الحمامه |
فهؤلاء عندي إنّما أدخلوا الياء بعد أن قالوا في الواحد حيّ فأجروه عليه.
وقد قال ناس من العرب : حيي الرجل وحييت المرأة فبين وجرى على القياس.
قال سيبويه : وأخبرنا بهذه اللغة يونس قال : وسمعنا من العرب من يقول : أعيياء وأحيية فيبين وأحسن ذلك أن يخفيها وتكون بزنتها متحركة ، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كما قال عزّ وجلّ : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) [القيامة : ٤٠].