اعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكل واحدة منهما في كلمة ، فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما كما يستثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة وليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان محققتان إلا إذا كانتا عينا مضاعفة في الأصل نحو : سمائين ومن كلامهم تحقق الآخرة وهو قول أبي عمرو ، وذلك قول الله عز وجل : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨](يا زَكَرِيَّا إِنَّا) [مريم : ٧] ومنهم من يحقق الأول ويخفف الآخرة وكان الخليل يستجب هذا ويقول : لأني رأيتهم يبدلون الثانية في كلمة واحدة كآدم وأخذ به أبو عمرو في قوله : (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) [هود : ٧٢].
فحقق الأولى وقال سيبويه : وكل عربي والزنة واحدة محققة ومخففة ويدلك على ذلك قول الأعشى :
أأن رأت رجلا أعشى أضرّبه
__________________
وهشام ، أحدهما أن تلقى حركة الهمزة على الواو وبحذف الهمز وهذا لم يقرأ به لهما وهو الوجه المختار في تخفيف همز ذلك وقد نبه عليه مكي رحمه الله في التبصرة ، والثاني أن تبدل الهمزة واوا وتدغم الواو التي قبل الهمزة فيها وهذا الوجه هو المذكور لهما في هذا البيت أي أبدلا الهمز واوا ثم أدغما فيها الواو التي قبلها وإنما اختارا هذا على وجه نقل الحركة ؛ لأن النقل يؤدي هنا إلى أن تنكسر الواو بعد ضمة فتصير مثل قول وهو مرفوض في اللغة وقول بالتشديد مستعمل وهو أخف من قول ولعل سببه حجز الساكن بين الضمة والكسرة ، وقد فعل قالون نحو ذلك في لفظ النبي في موضعين في سورة الأحزاب ؛ لأنه يهمز لفظ النبي وقبل الهمز ياء فأبدل الهمزة ياء وأدغم فيها الياء التي قبلها وذلك متعين ثم لا يجوز فيه نقل حركة الهمزة إلى الياء لأنها زائدة بخلاف الواو هنا وهذا سيأتي ذكره في سورة البقرة إن شاء الله تعالى ثم قال وفيه أي وفي تخفيف بالسوء خلاف عن قالون والبزي ليس مقفلا أي ليس مغلقا أو ليس مقفلا عليه أي ممنوعا لا يوصل إليه بل هو مشهور معروف في كتب مصنفة منها التبصرة لمكي ، وإن كان صاحب التيسير ما ذكره ولم يذكر هذه المسألة إلا في سورتها والخلاف المشار إليه أنهما قرآها بين بين على أصلهما ولا يمنع من ذلك كون الواو ساكنة قبلها فإنها لو كانت ألفا لما امتنع جعلها بين بين بعدها لغة على ما يأتي فالواو قريبة منها والله أعلم ، قال مكي ذكر عن قالون فيها أنه يجعل الأولى كالياء الساكنة قال والأحسن الجاري على الأصول إلقاء الحركة ولم يرو عنه ويليه في الجواز الإبدال والإدغام وهو الأشهر عن قالون وهو الاختيار لأجل جوازه والرواية قال فأما البزي فقد روي عنه الوجهان. انظر إبراز المعاني لأبي شامة ١ / ١٩٨.