ألا أيّها الزّاجري احضر الوغى (١)
وعسينا نفعل كذا وهو قليل وقد جاءت أشياء أنزلوها بمنزلة الأمر والنهي ، وذلك قولهم : حسبك ينم الناس واتقى الله امرؤ وفعل خيرا يثب عليه.
__________________
(١) على أن أحضر منصوب بأن مضمرة ، بدليل تمامه :
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
وتقدم الكلام عليه في الشاهد العاشر من أوائل الكتاب.
وهذه رواية الكوفيين ، والرفع رواية البصريين. قال سيبويه : وقد جاء في الشعر :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
قال الأعلم : الشاهد فيه رفع أحضر بحذف الناصب وتعريه منه. والمعنى : لأن أحضر الوغى. وقد يجوز النصب بإضمار أن ضرورة ، وهو مذهب الكوفيين. انتهى.
وفي التذكرة القصرية ، وهي أسئلة من أبي الطيب محمد بن طوسي المعروف بالقصري ، وأجوبة من شيخه أبي علي الفارسي ، قال : سألت أبا علي عن أحضر الوغى ، أي شيء موضعه؟ فقال : نصب ، وهو يريد حاضرا.
فقلت : كيف يجوز أن يكون حالا وإنما الحضور مزجور عنه لا عن غيره؟ فقال : قد يجوز أن يكون لم يذكر المزجور عنه. فقلت : قد فهمنا من قوله :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
قد نهاه عن حضور الوغى. قال : صير أن يفهم منه هذا وإن كان ذلك لا يفهم منه إذا قدرته بقولك حاضرا. قلت : فإن الحضور لم يقع ، ونحن نعلم أنه ما نهاه وقد حضر. قال : هذا مثل قولك : هذا صاحب صقر صائدا به غدا. قلت : فما الحاجة إلى أن قدرته حالا. قال : ليتعلق بما قبله ، وإلا فلا سبيل إلى تعلقه بما قبله إلا على هذا الوجه. انتهى. انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٥٩.